الإفطار الأمريكي

تعلم الأمريكيون من العرب فأصبح من العادة إقامة مأدبة إفطار رمضاني في البيت الأبيض وفروعه المنتشرة في بلاد المسلمين، والأمر في الحقيقة لا يتجاوز المجاملة الدبلوماسية في الحرص على الدعوة لمثل هذه المناسبة، كان من الأجدر بالعلماء والدعاة المسلمين خصوصاً المشاهير على مستوى عالمي أن يكونوا هم أصحاب الدعوة، فالضيوف في حكم المضيف في العرف الأمريكي، أقول إنها مجاملة دبلوماسية لابد أن تقدر في هذه الحدود، لكنها يجب أن لا تجعل الأقلام والعيون تصاب بالغشاوة، ومافي خواطر المسلمين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية كبير، إلا أنه لا يعني أنهم يريدونها إلى جانبهم فهذا محال، كما أنهم لا يطمعون أن تكون حكما عادلا فهذا من الأحلام، لكنهم لا يفهمون أبدا رغبتها وإصرارها في تبني سياسات لا يمكن وصفها إلا بالعدوانية تجاههم، لقد أصبح للولايات المتحدة مكاييل عدة منها ماهو خاص لإسرائيل وأخر نقيض له خاص للعرب والمسلمين، وثالث لبقية العالم، إن ما لا يفهمه كل مسلم هو أن تصر الولايات المتحدة على تفصيل محاربة الإرهاب على المقاس الإسرائيلي، فتستثني شارون وعصابته، وتصاب بالعمى عن المجازر التي يقترفها هو وأسلافه، وتحرص على نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة إلا من الترسانة الإسرائيلية، وأي مسلم الآن عربياً كان أو غير عربي يرى أن الولايات المتحدة لم تعد ترى سوى بعين واحدة وبحدقة إسرائيلية!؟،
فتتحدث عن ماسمته معاداة السامية فتتهم أكثر الناس تضرراً منها بها !!، وتحاول التدخل فيما يصل إلى أفكار البشر وهي تدعي أنها رسول الحرية إلى العالم؟ وعندما تتحدث عن إثاره الكراهية تصاب بالعمى عن التعاليم التلمودية، وتنبري للدفاع عن البروتوكولات الصهيونية مدعية أنها مزورة، ومثلما أسكت اليهود معظم الأصوات التي بينت أن الهولوكست حدث مبالغ فيه، وشاركت معه أيد يهودية، يسعون الآن وعلى صهوة جواد أمريكي لإسكات كل صوت أو فعل لا يروق لهم أو يتصدى لأطماعهم، فأصبح المجاهدون الفلسطينون في حكم الإرهابيين، فلا يهتز زجاج مكاتب البيت الأبيض إلا إذا تضرر إسرائيلي.
المسلم يشكر ويقدر لكنه يريد من الولايات المتحدة أن تكون لنفسها وأن لا تسخَّر لمطامع غيرها، إذا كانت حريصة على مصالحها.
والمسلم لا يستطيع فهم مثل دعوات الإفطار هذه وأصحابها يشيدون سفارتهم في القدس اعترافاً منهم بأنها عاصمة لإسرائيل، وهي المدينة المقدسة عن المدعوين للإفطار.
والمسلمون لا يستطيعون فهم دعوات الإفطار هذه من دولة ” لحس” رئيسها وعوده للعرب والمسلمين في دولة فلسطينية مستقلة، وتحول الأمر إلى مشاريع وخطط، وخرائط، ووقت ممنوح لإسرائيل لإنجاز كل ما تريد.
والحقيقة أن التطرف الأمريكي في التعامل مع الحق العربي واستخدام ماسمي محاربة الإرهاب لتمرير مشاريع إسرائيل هو المغذي والمسؤول الأول عن كل تطرف، وهو المسؤول عن تبخر ذلك التعاطف الكبير والصادق مع الشعب الأمريكي في أحداث سبتمبر.. فهل تعون يا .. أصدقاءنا؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.