الصحة بين الفقر والسمنة

طمأننا معالي وزير الصحة بأن مشكلة الفقرلم تتسبب في أمراض سارية بالمجتمع !!، جاء هذا التطمين ضمن رد الوزير على جريدة “الرياض” التي تناولت أصداء زيارة سمو ولي العهد إلى منازل بعض الفقراء . لابد أن لدى معالي الوزير معلومات وإحصائيات عن عدد الفقراء في المملكة، وأماكن سكناهم، ولابد أن لدى الوزارة ملفاتهم الصحية بحيث يجزم الوزير بنفي قاطع أن لا أمراض سارية في المجتمع نتجت عن ” ظاهرة” !! الفقر، فإذا كان هذا التطمين اعتمد على إحصائيات فنرجو أن تعلن، هناك الكثير من المقتدرين يبحثون عن عناوين لفقراء، نحن بأمس الحاجة لمثل هذه المعلومات، لكنني أعلم مثلما تعلمون أن لا أحصائيات ولا معلومات هناك، وهو أمر لايحتاج إلى دليل، لكن هناك ما يمكن أن يطلق عليه.. شغف الجزم بالنفي!، وهو شغف طالما أحب الركون إليه بعض المسؤولين ، ولا أدل على ذلك من تسمية مشكلة الفقر بالظاهرة، وكأنها ولدت وتضخمت الأسبوع الماضي فقط، الظاهرة في الحقيقة هي الاهتمام بها من وسائل الإعلام المحلية، لكنها موجودة منذ زمن وإن لم يحب الكثيرون الإشارة إليها.
لاتوجد أمراض سارية في المجتمع بسبب الفقر لأن الفقراء لا يصلون للمستشفيات وإذا وصلوا تم تحويلهم أو تخدير أوجاعهم بالمسكنات أو المواعيد الطويلة الأجل، وربما عدم تسجيل شكواهم أصلاً، أما الجزم بالنفي وفي هذا الشهر الفضيل فهو أمر عجيب، خصوصاً في شأن، مثل هذا، لا يمكن الإحاطة به، اللهم إلا إذا كان معالي الوزير يقصد أن لا وباء، وحتى هذا لا نستطيع البت في صحته بسبب ازدحام الأمراض وكثرتها، والمشكلة أن وزارة الصحة هي المسؤولة عن صحة أغلب الفقراء وهم لا يجدون منفذاً لواحد من المستشفيات الجيدة، وفي نفس التصريح يشير معالي وزير الصحة إلى أن المجتمع يعاني من مرض السمنة بسبب سوء التغذية!! ويظهر أن الوزارة معنية بالسمنة أكثر من عنايتها بالفقر! فهي تعترف بها وتضع ” خطة وطنية” لمشكلة سوء التغذية الناتجة بالطبع من انخفاض الوعي الصحي وليس الحرمان والفاقة، ولكنها لاتعترف أو لاتريد الاعتراف بالفقر، وكأنها تحرص على أن ترى بعين واحدة لجزء من المجتمع، والذي يقرأ تصريح معالي الوزير قد يعتقد أن فقرنا يسبب السمنة!، وكأنه فقر من نوع خاص من ضمن خصوصيتنا، أليس لنا خصوصية خاصة فلم لا يكون لنا فقر خاص.. يليق بنا!
ما أتمناه من المسؤولين أن لا يجزموا بالنفي خصوصا في قضايا لايمكن الإحاطة بها مثل هذا الأمر.
ملف الفقر الذي فتح الآن رسميا، سيضاعف من مسؤوليات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ونرجو أن لاتختنق من كثرة المسؤوليات التي كانت موجودة في السابق ولا أحد يعترف بها أيام الوزراء السابقين، ولدى الوزارة الآن دعم وزخم خاص، وماذا تريد أكثر من ذلك، ثم إن الوزارة مطالبة بتفعيل دور الجمعيات الخيرية ونفض الغبار عنها وعن الضمان الاجتماعي، وأرجو أن يعود المسؤولون فيها إلى كلمة فضيلة الشيخ صالح الحصين في ملتقى الجمعيات الخيرية وجعلها إطاراً للخطة المكلفة بها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.