(أكتب اليك أيها العيد متسائلا أين أنت؟ يقولون إنك أقبلت! ولكني لا أراك! رغم كل المصابيح التي تشع في الميادين، ولبس الناس للجديد، كنا أحباء العام الماضي، هذه السنة تنكرت لي، وتركتني وحيداً.. تائهاً في مدينة لا تنصت لمنادٍ.
أعلم بوجود الخير في قلبك ولكني لم أعد أستطيع رؤيته.
قال الله تعالى {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم}.
أيها العيد ليس كل من يسعى اليك سواء، ومن يدعي الفقر هو دائماً الأحق! أيها العيد أنا شاب سعودي من أم عربية حالياً سعودية شاءت ارادة الله ان أعيش بالخارج مع والدتي وكان كل يوم يمر عليّ يزداد حبي وانتمائي إلى هذا الوطن الذي ربما بعدي عنه قوى أملي وعزيمتي للرجوع اليه وخدمته ورفع رايته وأقسم ان هذا الكلام من قلبي ولكن تشاء ارادة الله ان يصاب الوالد بعدة أمراض فقمنا بعلاجه في الخارج وبعنا كل ما نملك حتى تعثرنا فعاد للعلاج في المملكة ووافته المنية – رحمه الله – ومنذ تلك اللحظة واختبارات الله تعالى تتوالى فلم أستطع دفع مصروفاتي الجامعية رغم حبي الكبير للعلم وذلك لضيق اليد،، ولم يتوقف الأمر عند هذا فقط والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه بل تم طردنا من السكن وصار ديناً، وتوقف راتب تقاعد والدي وهو الذي عمل عشرات الأعوام بكل إخلاص فأصبحت ووالدتي تائهين.
أيها العيد مهما قلت لك عن مدى حبي وتمسكي بالعلم فلن أستطيع إيصال ما في نفسي. انه طموحي، حياتي أعلم ان كثيراً من الطموح يتحطم وأنت لا تأبه، ولكني على يقين أن الفرج قريب.
أيها العيد ربما ستسألني عن أهلي ولكن بـمَ أجيبك! فأنت لا تعلم ماذا تفعل عندما تجد أقرب الناس اليك يتخلون عنك لماذا؟، لأن لهجتك في الغربة تغيرت!، أم لأن أمك غيرسعودية! ربما؟ هل أنا واهم أو مخطئ أتمنى ذلك!
أيها العيد أصعب احساس ان تكون غريباً في موطنك لا مأوى لك والأصعب من ذلك ان تكون أعز الناس إلى قلبك وهي في السبعين من عمرها مشتتة مشردة بعيدة عنك، وأنت وحيدها وهي ما بقي لك من الخلق، لن اطلب منك شيئاً أيها العيد بل سأدعو الله ان يخرجني مما أنا فيه وإعانتي لاقوم بايجار سكن احفظ فيه أمي ونفسي من الشتات الذي نعيش فيه، أنا لا أحبك أيها العيد!).
هي رسالة من شاب في مقتبل العمر، وهو في وضع لا يحسد عليه، وجد نفسه فيه من دون مقدمات، وصدم مما وجده عندما عاد إلى وطنه من جفاء الأهل وأصدقاء والده المتوفى، فأصبح، بدون مبالغة على الاطلاق، شريداً يحمل حقيبته على كتفه، رغم هذه الصدمات في عمر صعب إلا ان ايمانه قوي بالله تعالى، ويحمل تعففاً لم أجده في بعض الميسورين!، وأمله عظيم بهذا المجتمع والقائمين على رعاية أموره، وهو لا يطلب الكثير، وقد رأيت انه من المعايدة أن نتذكر احوال بعضنا على حقيقتها، فكل عام ونحن وبلدنا بخير.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط