فطرة

من الخطوات الناجحة التي يجدر الإشادة بها مشروع زكاة الفطر، لقد أصبحت مواقع تلقى زكاة الفطر منتشرة خصوصا في مدينة الرياض التي يشكو سكانها من ترامي أطرافها وعدم معرفتهم بالمستحقين، وإلى حد كبير قضت هذه الفروع إضافة إلى اجتهادات المتطوعين من الباحثين عن عمل الخير والذين يستقبلون زكاة الفطر في المساجد، ادى هذا إلى الحد من المتاجرة بزكاة الفطر، في السابق كان يتحلق حول البائع عدد من الناس ومعهم أوان وقدور فارغة يطلبون زكاة الفطر قبل ان يشتريها صاحبها، بعض منهم من أقارب البائع وكان الكثير يتداول زكاة الفطر فيتم إعادة بيعها أكثر من مرة. وحتى تلك المظاهر لم تكن باللائقة، بل ان بعض الاحياء لا يمكنك الدخول والخروج منها سالماً من كثرة الذين يلحقون بك ولا تعلم هل هم مستحقون أم لا.
مشروع استقبال زكاة الفطر من قبل جمعيات الخير وتوزيعها لمستحقيها أمر محمود ونشكر وندعو للقائمين عليه بمزيد من التوفيق والسداد، ومع هذا النجاح تجدر الإشارة إلى بعض الملاحظات، لعل أبرزها هو استغلال بعض تجار الأرز خصوصا لهذا الموسم الذي يرونه موسما تجاريا بحتا، فهم يعرضون عبوات من ذوات الاحجام الكبيرة من أكياس الأرز ليجبر المشتري على شرائها رغم عدم حاجته لها كاملة، والخيار الآخر الذي يضعونه أمامه هو شراء الكوبونات، وتتعهد الاكشاش بتوزيعها، والضرر من هذه الطريقة يأتي من أكثر من وجه، الأول ان هناك اناسا يحرصون على توزيع زكواتهم بأنفسهم لانهم يعرفون اناسا يستحقونها، الوجه الثاني للضرر أن هناك مساكين فقراء ضاعوا وسط هذا التنظيم، ولابد ان نتفق ان الجمعيات والمتطوعين على جهودهم لن يستطيعوا حصر كل المحتاجين والوصول إليهم، ورغم ان التنظيم المؤسس له فوائد جمة إلا ان له متضررين خصوصا اذا ما كبرت المؤسسات وتنامى جهازها البيروقراطي واصبحت دهاليزه متاهات، والأوراق الثبوتية هي الدليل الوحيد على حقيقة الحاجة، وكان الاجدر بتجار الأرز ان يقدموا زكاة الفطرة بأسعار أقل إذا ما رغبوا استغلال الموسم اإما دعائيا أو تصريفاً لمخزونهم من الأرز.
هي ملاحظات لا تقلل كثيرا من الجهود الخيرة ونتمنى ان يكون هناك تنظيم أكثر نجاحا في العام المقبل، وان يسري الامر على لحوم الاضاحي، وأُشير إلى نقطة هامة جدا وهو ان العمل الخيري يبلغ بالمتطوعين أكثر مما يبلغ بالموظفين لأسباب كثيرة لا تخفى عليكم أولها طبيعة النفس البشرية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.