أصبح الذئب يترصد الثعلب في كل ناصية، والسبب المعلن في أرجاء الغابة أن الأخير تجاوز القواعد والقوانين التي تحكم العلاقات بين ساكني الأحراش، الثعلب على الرغم من انه سيد المكر إلا ان الجبن مستقر في قلبه، ويعرف ذلك حق المعرفة، وهو حاول ولا زال يحاول جاهدا التشبه بالذئب وتقليده رغم فارق الحجم والقدرة، هذه العلاقة المتوترة مع تراكمات قديمة يطول ذكرها، جعلت الذئب يقف كلما عَنّ له في طريق الثعلب عندما يتجول الأخير في طرقات الغابة ليصفعه على وجهه ويورد في كل مرة سببا مختلفا، إذا لبس الثعلب على رأسه طاقية صفعة الذئب قائلا لماذا تلبس طاقية؟، وإذا خلعها صفعه الذئب قائلا أين الطاقية!، والصفع مستمر، حتى صار الثعلب محاصرا لا يستطيع الخروج من مسكنه، هذا الاضطهاد المذل دفع بالثعلب ليقدم شكوى لكبير الغابة ومرجعها.. الأسد ما غيره.
شرح الثعلب في عريضته الطويلة للأسد كامل تفاصيل الصفع المستمر الذي يكيله له الذئب كل يوم، بل إنه أثبت ذلك بآثار الصفعات على وجهه الطويل!، وطالب بتفعيل قوانين الغابة ومواثيقها الموقعة من الجميع مطالبا بشجب هذه الممارسات ووقفها فوراً، قام الأسد بطلب الذئب للتشاور ومعرفة رأيه في هذه الشكوى فشرح الأخير لسيد الغابة تجاوزات الثعلب للحدود، محذراً من أنه لا يمكن التنبؤ بما يفعله مستقبلاً إذا لم يقمع ويتم تحجيمه ، وأكد أن هناك خطرا ماحقا سيلحق بالغابة من هذا الماكر، وعدد نقاط تجاوزه الدور المرسوم له في الغابة، ولم ينسَ تذكير الأسد بما قدمه الجميع للثعلب من دعم وتسمين إلى أن وصل لما وصل إليه حتى استطاع أن يقف على رجليه وبدأ يكشر عن أنيابه ويبحث عن دور أكبر من حجمه، ولثقة الأسد العميقة بقدرات الذئب، وأهمية دوره في تثبيت أركان العرين، اتفق معه على أن يُوجِد عذراً آخر غير الطاقية لصفع الثعلب، وليصفعه بعد ذلك ما شاء من الصفعات، وجاء بفكرة جديدة.. اقترح الأسد أن يطلب الذئب من الثعلب كلما شاهده تفاحة فإذا جاء له بتفاحة حمراء صفعه بحجة أنه يريد تفاحة صفراء، وإذا أتى بالصفراء يصفعه لأنه يريد حمراء فيستمر الصفع ويحفظ ماء وجه سيد الغابة ليبقى محترما يتم اللجوء إليه، وإلى أن يتقدم الثعلب بشكوى جديدة يخلق الله ما لا تعلمون، وهكذا كان، فما ان خرج الذئب حتى وقف يترصد للثعلب فإذا به مقبلا بجسارة غير معهودة متوقعا أن عدوان الذئب تم إيقافه عند حد، قال الذئب بلهجة آمرة: أحضر تفاحة حالا!،
رد الثعلب الماكر: حمراء أم صفراء؟،
فما كان من الذئب إلا وأن صفعه بقوة قائلا: لماذا لا تلبس الطاقية!!.
أتذكر هذه الطرفة العميقة وأرى فيها تمثيلا لوضع الزعيم العراقي مع الزعيم الأمريكي وإذا شئت فضع هيئة الأمم المتحدة أو مجلس أمنها موضع الأسد، الصفع مستمر بأي عذر والتفتيش ليس سوى مرحلة التفاح المؤقتة، بدأت الآن تلوح في الأفق إشارات عدم الاقتناع بنتائجها قبل أن تكتمل، ورغم أن لا أحد سيبكي على الثعلب إذا ما طرد من الغابة وهو أمر مشكوك فيه فلن يوجد مثيل له، بل إن هذا الطرد بأي صيغة كان سيفرح الأكثرية من الناس خصوصاً أولئك المغلوبين على أمرهم منذ ثلاثين عاماً وهم يعانون من تجاوزه لكل الحدود الإنسانية، إلا أن الخوف مما يمكن للذئب أن يفعله وهو يستطعم لذة القوة والبطش أمر يشغل بال الجميع.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط