علي بابا للاستثمار

يظهر أن بعض رجال.. “الأموال” قد اكتشفوا موقع مغارة علي بابا، وتمكنوا بعصاميتهم الفريدة، التي سنقرأ عنها في الصحف مستقبلاً، من معرفة كلمة السر السحرية لفتح بوابة المغارة الضخمة، ولأنهم وجدوا كنوزاً وأموالاً أكثر من احتياجاتهم، ومع ما عرف من حبهم “الأكيد” للخير لهم ولغيرهم، وإيمانهم العميق بمقولة “ربي ارزقني وأرزق مني”، فقد قرروا، في لحظة إنكار للذات، توزيع هذه الثروة من خلال حث الناس على الاستثمار، المهم أن يكون لديهم بعض الأموال، ولأن الخير كثير فقد وصلت أرباح هذه الاستثمارات إلى ثمانين في المائة في نهاية كل سنة.. قمرية، تصرف ما أن يكتمل البدر، ويقول بعض الثقاة أنها وصلت إلى أكثر من ذلك، وهو استثمار.. مجرب تماماً مثل بعض الأدوية الشعبية، ورغم كرم هؤلاء المستثمرين في توزيع الأرباح بهذه النسب التي تبعث على الانسداح، إلاّ أنهم شحوا علينا بالمعادلة الاقتصادية الخارقة للعادة، وأخفوها عنا مثلما عتموا على مجالات الاستثمار التي يطرقونها ليحققوا ما حققوا، فهم للأسف يعلنون عن عشرات الأنشطة، لهم، في الداخل والخارج تمويهاً فيما يبدوا على المنافسين وهو أمر مفهوم في “البزنس”، ولأنه نجاح كبير ولا يتحقق بسهولة، تساءلت مثل غيري ما هي هذه الأنشطة التي تحقق مثل هذه الأرباح وتجعلك إذا ما شئت تفتتح وتشتري بنوكاً في الخارج!، وتمتلك طائرات إذا قررت الإقلاع، وفوق كل هذا تزرع الابتسامة على كل الشفاه، ولقصور في الفهم لم أجد تفسيراً سوى عثورهم على مغارة علي باب بكل ما تحتويه من كنوز، ولا أخفي عليكم أنني في البداية شككت في الأمر وتذكرت المشعوذين الأفارقة الذين يطلبون مالاً من المستثمر أو “المستحمر” ليقوموا بجعله يتوالد مبالغ أخرى، لكني تذكرت أن حدود قدراتهم في تحقيق الأرباح لا تستحق الذكر، إضافة إلى أن عملية استيلاد النقود قد تتعرض لعسر أو اجهاض، واحتمالات إصابة بعض المبالغ بالعقم، وسألت أحد “الباخصين” بالسوق فتوقع أن يكون رجال “الأموال” قد حصلوا على مصباح علاء الدين، لكني أعلم مثلما تعلمون أن مارد المصباح لا يستطيع توفير كل هذه الأموال مع كثرة المودعين أقصد المستثمرين، ونعلم جميعاً من خبرتنا مع قصص مارد المصباح أنه لا يتمكن سوى من تحقيق طلب أو طلبين، بل أنه عجز عن طلبات، لعلكم تتذكرونها جيداً؟، وهي أقل بكثير من ثمانين بالمائة!
وعلى هذا الأساس لم يتبقَّ سوى مغارة على بابا، وأرجو أن لا يسألني أحد من القراء عن الأربعين حرامي، وأين ذهبوا عن المغارة، وهل تحولوا إلى زهاد وتم توظيفهم مدراء فروع. لأني لا أعلم، وأتمنى على رجال الأموال أولئك، من صناع النجاح ومسوقي الثراء، أن لا يبخلوا على وطنهم بالمعادلة الاقتصادية الفذة، وأن يهدوها لوزارة المالية لعلها تنفعها في مواجهة العجز المستمر، كما أطمئنهم أن مؤسسة النقد عاجزة إلاّ عن تحذيرات بائسة في الصحف، دافعها قلة الحيلة، والغيرة على أبنائها المدللين من البنوك المحلية التي تأخذ ولا تعطي، اطمئنوا المؤسسة لا تعلم أرقام حساباتكم في البنوك التي تراقبها!؟، كما أنها لا تعلم عن أسماء مؤسساتكم وشركاتكم شيئاً.. على الإطلاق!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.