اهتم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله بما نشر في هذه الزاوية عن سجناء الصكوك، وقد تلقيت اتصالاً من مكتب سموه الكريم ودعوة للاطلاع عن قرب على تقرير يوضح الحالات التي تقع في هذا الإطار وأسبابها، وقبل أن أطلعكم عليها، أشير إلى أن لسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز باعاً طويلاً في التدقيق والتحري عن صحة الاخبار، خصوصاً تلك التي تتناول شؤون الناس وهمومهم، وهي خاصية أتمنى أن يقتدي بها بعض المسؤولين، وهناك قصص كثيرة في هذا الجانب، تصلح مادة لكتاب ضخم ومفيد، أذكر منها قصة لاتخلو من الطرافة، قبل سنوات نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً عن العثور على امرأة مسنة وهي بحالة سيئة، ملقاة في مرمى نفايات بجوار إحدى مستشفيات العاصمة، وقال الخبر أن أبناءها هم من فعل ذلك، وعلى طريقة المبتدئين في الصحافة تدخل الرأي في الخبر، فأشار المحرر بإسهاب إلى أن ذلك يمثل نموذجاً لعقوق الوالدين وأتبعه بموعظة ضافية عن بر الوالدين وحقوقهم على الأبناء،
اهتم سمو أمير الرياض بالقصة وكلف بعض المختصين بالبحث والتحري عن حال هذه المرأة المسكينة وعن أولئك الأبناء الذين يفعلون بوالدتهم هذا الفعل المشين البالغ في العقوق، وبعد البحث والتحري مع مختلف الجهات وفي الموقع الذي قيل إنها وجدت فيه، اكتشف أن لا أصل للقصة وأنها غير صحيحة!، أبطال القصة كلهم اختفوا ولم يوجد لهم أثر!!، فتم مساءلة الصحفي الذي نشر الخبر عن مصدره فاتضح أن مصدره “سالفة” في أحد المجالس لم يتأكد منها ويدقق فيها ونقلها على علاتها بل لم يتذكر من قالها، ويظهر انه تحمس واجتهد في سبيل الوعظ والنصح فنشرها بعد إضافة بعض البهارات الصحفية “اللازمة” عليها بعد هذه النتيجة نشرت الصحيفة نفياً يشير إلى عدم صحة القصة، وغني عن القول أن الصحفي الذي كتب الخبر لم يطلب منه سوى أن يتأكد مما ينشر مستقبلاً.
أعود إلى سجناء الصكوك وهم من يسجن بسبب مبالغ صغيرة غالبيتها بسبب حوادث مرورية ويطول مكوثهم في السجن لأنه لم تصدر صكوك شرعية بحالاتهم ليتم معالجتها، فقد اتضح مما اطلعت عليه، أن معظم هؤلاء يكونون ممن اقترفوا حادثاً مرورياً اقترن به فعل يجرم مثل قطع الإشارة، أو حالة سكر، أو ارتكاب الحادث بسبب التفحيط، ولايتقدم أحد لكفالتهم كفالة حضورية غرمية، لحفظ حقوق الأطراف الأخرى، وأنها حالات نادرة، ومعظمهم من غير السعوديين خاصة وأن التأمين على رخص القيادة سيقضي على وجود معظم هذه الحالات مستقبلاً إن شاء الله. وهو مايتمناه الجميع.
ومن نافلة القول ان الهدف من طرح الموضوع هو زيادة سرعة الإجراءات بدءاً من المنبع وهو حادث المرور بتفاصيله من تقديرات للخسائر إلى نقطة النهاية وهو صدور الحكم على المتسبب، وبالإضافة للجانب الإنساني في الموضوع فإن وجود مثل هؤلاء السجناء أمر فيه تكلفة اقتصادية كبيرة على الدولة، ولو تم حسابها لخرجنا بمبلغ ضخم كان يمكن الاستفادة منه في أمر أخر، كما أن بعض الكفلاء قد يستثمرون النظام، غير الملزم لهم، ويتناسون مكفوليهم في السجون فيثقلون على أجهزة الدولة تكاليف الإعاشة والحراسة والإدارة، ولا أنسى ذكر نقطة جوهرية، فقد ذكرت إحصائية المرور للعام 1420أن أكثر من 300ألف سائق تم ضبطهم في ذلك العام يقودون سياراتهم بدون رخص قيادة، فإذا طرحنا من هذا الرقم من نسي او فقد رخصة قيادته، سيتبقى لدينا رقم كبير لم يفكر بالحصول على الرخصة حتى يفكر بالتأمين عليها ومن ثم الاستفادة من مزايا التأمين.
في المقال الأول توقعت تفاعلاً من وزارة العدل، لكنني في الحقيقة لم أتفاجأ باهتمام سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز فقد تعودنا من سموه رعاه الله الاهتمام بأية قضية إنسانية، وبمصالح الناس وشجونهم وهي واحدة من خصاله الكريمة الكثيرة، حفظه الله ذخراً للوطن وأبنائه المواطنين.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط