يكاد العقل يصاب بالانبعاج، فهو لا يستطيع استيعاب فصول التحضيرات للحرب الثالثة في الخليج، ما يحدث هو أقرب للملهاة، ولولا أننا نعيشها لما صدقنا، بل لو تفرجنا عليها، في عمل مسرحي لخرجنا باكراً ساخطين من عدم احترام عقولنا ومطالبين بقيمة التذاكر، وسط هذه الفتنة، يخيل لي ان والدة أمريكا وإسرائيل، ومن غير بريطانيا لمثل هذا الدور، دعت لهما بأن يرزقا بعدو جاهل ولم يكن هناك أفضل من صدام حسين، هذا الزعيم عرفناه على حقيقته متأخرين في بداية التسعينيات، لكن أهل العراق عرفوه قبل ذلك بعشرين سنة، وأعتقد ان كبار العالم على علم به قبل ذلك، فتنة من هذا الحجم الكبير لا يعرف أين تتوقف مضاعفاتها، تعرت السياسة ولم يتبق للدبلوماسية شيء من ملابسها الداخلية، وسط هذه الفتنة المقبلة تتناثر طُرف تبعث على الضحك الشبيه بالبكاء من الجانبين، ليس لنا إلا هي لنتسلى فنحن في موقع المتفرجين، منها ذلك الإصرار الذي يحرص عليه الزعيم العراقي في نهاية كل خطاب ناري فهو يورد عبارة… وليخسأ الخاسئون!، ولم أفهم!، فهم كما وصفهم الخاسئون أصلاً، اي في أقصى درجات هذه الصفة، فكيف يخسأون أيضا!، لكنها زعامة الميكرفون ووقع الألفاظ في نفس المتحدث، الرئيس العراقي وزع الادوار بينه وبين نوابه ووزرائه تولى هؤلاء المفاوضات والتنازلات، في حين تخصص بالخطابات النارية فمن اذهبا إلى فرعون إلى وليخسأ الخاسئون، على الجانب الآخر يصرح وزير الخارجية الأمريكية قائلا ان النفط العراقي أمانة لدينا!؟، هل قررت أمريكا فتح صندوق أمانات في المنطقة؟، يبدو ذلك وأول المرشحين “للحفظ والصون” براميل النفط العراقية ولا يعرف في المدى المنظور من المرشح التالي، لكن هذا التصريح يشير إلى ان القاضي الأمريكي يرى ان سكان المنطقة “من القصر” ولم يبلغوا بعد سن الرشد ويحتاجون إلى وصاية قرر هو بما له من سلطة وعدل مشهود له بالحكمة والإنسانية خصوصا في أمريكا اللاتينية وفيتنام، قرر تولي الوصاية بنفسه، ومن المتوقع ان يبتلع الوصي الأمريكي مفتاح الصندوق ومن المتوقع ان تتوالد صناديق الأمانات هذه إلى عدد لا يحصى، أما الرئيس العراقي فقد عاد وهدد بقتل مليون أمريكي على أسوار بغداد، وهناك أكثر من مشكلة في هذا الوعد، الأولى أنه ليس لبغداد أسوار، والثانية الأهم ان عدد القوات الأمريكية لم يصل إلى هذا الرقم بعد ولا يتوقع ان يصل إلى نصفه، فمن أين سيأتي بالبقية، هل سيقوم بتجنيس عدد من العراقيين لهذا الغرض، بينما بوش الابن يعد ويخطط يحسبها وعينه على فترة ثانية من الرئاسة يكون الانتصار في الحرب الورقة الرابحة فيها، في هذا الوقت الحرج تشاغب كوريا الشمالية وكأنها تعلن أنها الملاذ الآمن الوحيد لصدام حسين فهي النقطة العمياء في عيون الإدارة الأمريكية.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط