معارض في السلطة

يرقد المفكر العراقي حسن العلوي على السرير الأبيض في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني بعد إصابته بجلطة، شفاه الله تعالى وعافاه. الهمة العالية أتعبت قلبه، فضعف الأخير بعد جراحات عدة. يحسب للقامة الفكرية لحسن العلوي الكثير، ابسط ذلك عروبته الناصعة وشجاعته الأدبية في أوقات حرجة، مهما اختلفتَ معه ستظل تحترمه، وقلب حسن العلوي على العراق، وهل هناك عربي أو مسلم وإنسان حقيقي قلبه ليس على العراق وأهل العراق؟… وأيْدي الجشعين تتناوش الأرض والعرض.
لكن، ما الذي دفع بالجلطة إلى شريان المفكر؟ رفاق المعارضة أصبحوا من رؤوس السلطة، وصاروا يمارسون أو يتغاضون عما كانوا يزعمون رفضه! كانوا يدَّعُون الكفاح ضد الظلم، فأصبحوا يحمون أو يشاركون في أبشع صوره، وها أنت يا ابن السيد خلف تدفع ثمن مواقفك المبدئية من تصريحك الشهير بعد إعدام صدام حسين، إلى كتابك العميق «عمر والتشيّع».
كل فترة تثبت الحكومة المتسلطة في العراق طائفيتها البغيضة، ومن ورائها دعم لا هوادة فيه من المحتل، يفرش الأخير لأصحاب المفاعلات النووية الطريق لاستلاب العروبة بالسياسيين المتربين في أحضانهم.
صُدم حسن العلوي عندما علم أن منزل عائلته في الجادرية في بغداد تم احتلاله بعد تزوير للوثائق، استولى عليه عراقي كردي وباعه لآخر بحماية احد النافذين رؤوس السلطة الحالية ورفاق المعارضة سابقاً .
محتجاً اتصل حسن العلوي بأحد رؤوس السلطة الحالية من الأصدقاء، رفاق المعارضة سابقاً، قال له الأخير إن العراق دولة قانون، وعليه أن يأخذ حقه بالقانون، والواقع أن العراق الحالي دولة قانون فرق الموت وقطع الرؤوس و «بلاك ووتر» والتهجير الطائفي والاستئثار بالسلطة والمال. وكأن في الخفايا محاولة استدراج، يُضم فيها اسم حسن العلوي لقائمة اغتيالات مفكرين وعلماء وصحافيين، من هنا جاءت الجلطة من رفيق المعارضة السابق، ابن الجيران الذي يعرف المنزل جيداً.
لكن الرفقة والصداقة في حال الضعف تختلفان كثيراً بعد امتلاك القوة والسلطة أو حتى الوهم بامتلاكها، والواقع أن حسن العلوي أحرج الطائفيين كثيراً، من رفض للمناصب إلى رفع الصوت في كل محفل ضد كل ما يحصل للعراق والعراقيين، ثم جاء بغير المتوقع منهم كتابه «عمر والتشيّع».
العلم عند الله تعالى، لا يدرى لمن ستنصب المشانق في العراق مستقبلاً، لكن من شاهد صدام حسين في ملكه ورأى نهايته يعلم بأن الله تعالى يمهل ولا يهمل.
أما حسن العلوي فيكفيه انه صادق مع نفسه ومع عروبته، ويكفيه الأوفياء من إخوان عرب كثر، فالحمد لله تعالى الذي جعل في هذه الأرض وقادتها الميامين حقيقة الشهامة وحضن العرب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

9 تعليقات على معارض في السلطة

  1. فارس الجربوع كتب:

    الاستاذ العزيز/ عبدالعزيز المحترم

    حقيقة أشكر لك هذا المقال لشخص يحق لنا ويحق للعراق أن يفخر به ويفخر بأمثاله …وانني كنت أتمنى من ظاهر قلبي أن يكون هو وأمثاله هم من يقود العراق لانه بصدق وكما نوهت انسان صادق مع نفسه ومع الغير من بني ملته وغير بني ملته..ويبع مقولة الحق أحق أن يتبع..وحيث أنني كنت أقرأ له منذ اول كتاباته واصداراته وآخرها كتابه الذي لا تمل منه”عمر والتشيع”
    وانني أدعو الله أن يشفيه ويرجعه بأصح عافيه ويبقيه لأهله وبلده ويمنيه بعودة لبده معافى وبلده معافى من الاحتلال وزمرة الاحتلال

    أكرر شكري لك لذكرك لحالة أخينا وعزيزنا حسن العلوي

    فارس الجربوع

  2. محمد المالكي كتب:

    يعطيك العافية استاذ عبدالعزيز

    بالفعل الأستاذ حسن العلوي قامة كبيرة ورأيت استضافة تركي الدخيل له في إضاءات وكان الرجل شفاف وذو منطق :)

    امنياتنا العاجلة له بالشفاء

  3. فوزي عبدالله كتب:

    اخي عبدالعزيز

    يشهد الله باننا نحب الاخ (المواطن) عبدالعزيز السويد فيه .
    نحبه عندما يكتب عن الوطن وهمومه .عندما ينقل ظلامة مواطن وعندما يكون همه الوطن وعندما يكون الحق دافعه للكتابة

    يا اخي كفانا طائفية من غيرك فلم تنظم لها ؟

    الشخض الذي اتصل به العلوي (شافاه الله) قال له ما يجب ان يقال .. نعم العراق دولة قانون الان (أو على الاقل هذا ما يحاول ذلك المسئول العمل من اجله ) وكل ما طالب به ان يثبت العلوي مليكته للمنزل وتزوير اوراق غيره وهذا امر سهل اذا تم التحقيق فيه .
    كان بامكان العلوي توكيل اي محامي لعمل ذلك ، لكنه اراد الاستفادة من علاقاته باهل السلطة ولم يفلح لان صديقة فضل ان يترك للعدالة المجال لفرض رأيها ولو كان همه استدراج العلوي لطلب منه ان ياتي للعراق لاستلام منزله ولانتهى الامر بذلك .

    ثم – ومع كامل الاحترام للعلوي – ما هي اهميته ليكون التخلص منه هدفا لحكومة العراق ؟

    حكومة العراق يا اخي تحتاج للدعم لاستعادة الامن المفقود بسبب اعداء تلك الحكومة والكل يعرف بان اكثر ضحايا العراق لم تكن من قوات (الاحتلال) بل من الهجمات البربرية التي يتعرض لها المدنيين دون سبب ..واخرها ما حدث في سوق الغزل .. وانت سيد العارفين

    دمت بتوفيق الله

  4. الفيفي كتب:

    بارك الله فيك أستاذي عبدالعزيز على هذا المقال

    ونسأل الله الشفاء للمفكر الأستاذ حسن العلوي

  5. عادل أبوقرن كتب:

    الاستاذ العزيز
    كلما أقرا لك ينتابني إحساس قوي بأن الأمل مازال يراوح مكانه في دواخلي رغم حالة الإحباط التي تنتابنا نحن جيل النكسة فأنت بحق وحقيقة من الكتاب الشباب الذين نري فيهم مستقبل مشرق وخيير دليل علي

  6. عادل أبوقرن كتب:

    ذلك الموضيع الجريئة التي تتطرق لها ويطيب لي أن أبعث عبرك بتحية مليئة بالتقدير والتجلة للإنسان الراقي المجبول بالفطرة علي الرأي السديد وقول الحق المفكر الجرئ حسن العلوي أسأل الله له الصحة والعافية

  7. يزيد الدغيثر كتب:

    انصفت كاتبنا العزيز الاديب حسن العلوي ويكفي موقفه بعد الاحتلال وعروبته ولللاخ فوزي في تعليق رقم 3 اقول هل تؤمن فعلا بما تقوله وهل الحكومه العراقيه الحاليه جديرة بالدعم وهي الحكومه ذات الابعاد الطائفيه العنصريه بكل اشكالها والوانها والتي حولت العراق الى بؤره مستقبله لكل التيارات الطائفيه المتطرفه فلهذه الحكومه هدفين الاول يأخذ الطابع الاستراتيجي لمشروع ايران الاقليمي والمذهبي والتي بدأت بالعراق خاصه في الجنوب وفي لبنان اعتمادا على حزب الله وفي فلسطين استنادا على حماس والسعي لمد نفوذها لأفريقيا ودعم المجموعات الشيعيه في دول الخليج وخلق التوتر بها والبحرين مثال حي والهدف الثاني ذو ابعاد طائفيه وموقف حسن علوي من ذلك معروف وحذر منه نابعا ذلك من عروبته وايضا من استشعاره واستقراءه لخطورة مستقبل المنطقه عامه والعراق بشكل خاص لذا فتعليقك اخ فوزي جانبه الصواب لأن الحكومه العراقيه معروف وبشكل علني ولدى الجميع بأنها حكومه طائفيه لاقانون تحكم به غير قانون الطائفيه ومصالح ايران

  8. فوزي عبدالله كتب:

    الاخ الكريم الدغيثر “تعليق 7 ” حفظه الله
    الاختلاف لا يقسد للود قضية

    في الحقيقة ارتكز ردي على نقاط مهمة ربما خانني التعبير عن ايضاحها فاستميحكم عذرا لذلك

    – وددت ان اقول ا ن رد المسئول العراقي على الاخ العلوي “شافاه الله” كان ردا قانونيا ينسجم مع سيادة القانون

    – نعم يا اخي ارى ان هذه الحكومة جديرة بالدعم لانها جاءت باختيار معظم الشعب العراقي الذي ساندها بصناديق الاقتراع وتتكون هذه االحكومة من جميع الاطياف او على الاقل هذا ما نراه .. ولا ارى عيبا في ذلك فهي تمثل كل من ادلى بصوته

    – ليس لدي علم بمخططات ايران ولا اطلاع عليها ولكن من الطبيعي ان تقوم ايران وغيرها بعمل ما تراه ينسجم مع مصالحها واللوم يقع علينا ان تركنا ايران او غيرها تفعل ذلك ونحن لا هم لنا الا الوقوف في وجه كل دولة عربية تحاول الدخول للديمقراطية بحجج واهية ..ونترك مصالحنا عرضة لكل لاعب

    تقبل تحياتي

  9. فيصل كتب:

    اخي فوزي لابد من الالمام بمخططات ايران الاقليميه والمذهبيه لكي تعطي رأي كامل في الحكومه العراقيه الحاليه بدون ذلك الالمام يصبح الرأي فيه قصور ولك تحياتي

التعليقات مغلقة.