مطاحن

أن تحدث أزمة طحين في بعض مناطق السعودية فهو أمر مخجل، لأنها بلاد قادرة ولديها كل الإمكانات، وقيادتها حريصة على مواطنيها. كما لم يسبق أن حدث ما يحدث، في أوضاع أكثر صعوبة.
حتى الآن هناك تراشق بين بعض الجهات، ولعل من المثير أن تكون الغرفة التجارية في جدة هي مَن يبحث عن إسعاف تمويني، كما ذكرت صحيفة «الحياة». هذا يشير إلى انه لم يُشيّد نظام تمويني فعال، يمتلك خططاً للطوارئ وخطوط إمدادات مساندة غير تلك التي تعوّد عليها من متعهدين وتجار.
ذكرت أن الأمر مخجل لأنه يسيء إلى صورة أجهزة حكومية، كُلفت خدمة الناس والسهر على توفير حاجاتهم. هو أيضاً يخدش صورة السعودية في الخارج، وهي التي عُرِفت بيدها «الجزلة» الممدودة للآخرين، القريب منهم والبعيد، وقبل هذا وبعده هو يحجب عن المستهلك ابسط حاجاته، وعندما تطالع بعض الصحف المحلية هذه الأيام يخيّل إليك انك تقرأ صحفاً عربية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات الميلادية. الحقيقة أن المستهلك في بلادنا إجمالاً وفي قضايا التموين لم يعرف الطوابير منذ زمن بعيد.
الصورة المعلنة إعلامياً والتي أستند إليها في التحليل والطرح، أن الصوامع في مكة المكرمة تريد حضور عدد من المتعهدين للتحقيق معهم وهم يرفضون، والظلم وقع على المستهلك، والصوامع يرأس مجلس إداراتها وزير الزراعة الذي أدعو له بالعون والتوفيق، وهو قادر على ان يطالب «التجارة» بإحضارهم، كما انه يستطيع طلب المعونة من وزارة الداخلية التي لن تتوانى عن الحضور الفاعل. وأياً تكن العقبات البيروقراطية التي قد لا نعلمها، لا يصح أن يوقف التموين عن السوق إذا كان متوافراً، أما إذا لم يتوافر فيجب ذكر ذلك بشفافية، وإذا كان التهريب مسؤولاً عن النقص، فلماذا لم يتم التعامل المبكر معه؟
حذّرت من التهريب قبل اشهر، وأشرت إلى مستودعات وقوافل حمير، لم يستسغ الرقيب ذكرها! ولا يعقل أن تكون «الحمير» المستخدمة للتهريب في الجنوب، قادرة على حمل كل تلك الكميات.
نحن نعيش أوضاعاً شبيهة ببداية قضية نفوق الإبل والغموض الذي صاحبها، العامل المشترك هو صوامع الغلال ومطاحن الدقيق، والأعذار التي تطرح حالياً هي ذاتها تقريباً.
نعم، يجب أن يوقف كل مهرب أو من يبيع للمهربين كميات حصل عليها بالسعر المدعوم، أو يخزنها لبيعها بأسعار أعلى، والكل مع الصوامع في هذا الإجراء، ويجب أن يُشهّر بهم ويحاسبوا ولا يتعامل معهم مستقبلاً، في الوقت ذاته لا يصح وقف ضخ الكميات للسوق. لقد تضرر الناس من الأزمة المفتعلة، وهي تبعث على الخجل، وتشوّه صورة البلاد التي نسعى الى رفعتها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على مطاحن

  1. صلاح السعدى محمود كتب:

    حياك الله. أبو أحمد
    والله حضر تك دائمآ تبحث هموم الناس مش الشقيقة المملكة فقط بل فى كل المعمورة أصبحت الأن معناة الحياتية فى كل مكان متشابها تمامآ أتمنى من الله عز وجل ] أن نجد أذانآ صاغية حتى لا تتعقد الأمور أكثر من ماعليه الأن
    الله يعطيك ألف عافية أستاذى الفاضل..
    وتقبلوا سعادتكم بقبول فائق الإحترام / صلاح السعدى

  2. الأستاذ / عبدالعزيز السويد

    كيف يمكن لوزارة أن تستخدم شعارها لتسويق منتج تجاري
    هناك أمر أخر مخجل و لكن لوزارة الصحة, أتمنى ان ترى الحملة الإعلانية الخاصة بديتول بالتعاون مع وزارة الصحة حيث يظهر المنتج في هذا الإعلان مرتبط بشعار وزارة الصحة ويبدو كتوجيه للمستهلك .
    ما اود ان اعرفه هو كيف تقبل الوزارة ذلك ؟ وما هي تفاصيل الصفقة و هل يمكن ان تبرم صفقات اخرى مع شركات ادوية او اغذية واذا قبلتها تحت أي بند و ما هي الضوابط و إلى اين تذهب الاموال و هل يسمح لها باستخدام شعارها لأغراض تجارية. و الاهم من ذلك كيف تسمح الدولة لوزارة مهما كنت صلاحيتها ان تستخدم شعارها في التسويق منتج تجاري.
    أستاذ عبدالعزيز أنا متأكد انك ما كتبت عن هذا الموضوع لسبب انك لم ترى الإعلان, صدقيني هو مستفز للكتابة حتى لمن لا يعرف الكتابة.

  3. ابوراكان كتب:

    الله يرضى عليك
    بتاع الصوامع يقل السبب من الموزعين ؛طيب وش بتسوي لهم؟
    مصيبه كان مثله الاعلى وزير التجاره
    لك التحيه

التعليقات مغلقة.