بعد تدخّل وزير الداخلية الألماني ومطالبته الصحف الأوروبية بإعادة نشر رسوم الدنمارك السيئة، كما ذكرت قناة «الجزيرة»، يحتاج الأمر إلى وقفة مطولة ومتأنية. ما الذي يدفع مسؤولاً في حكومة ألمانيا إلى مثل هذا التصرف، ولديه جالية مسلمة كبيرة مؤثرة في مفاصل الاقتصاد؟ قبله علّق رئيس الوزراء الدنماركي على إعادة نشر الرسوم من قبل 17 صحيفة دنماركية، مستنداً أيضاً على الحرية. البعض منا يرى في الأوروبيين أنهم أكثر نضجاً وحضارة، وما يحدث في طياته تحريض واضح على استمرار الإساءة لا يشير إلى شيء من ذلك. لو التزم المسؤولون الرسميون الصمت يمكن تفهّم الأمر، لكن أن يصل الأمر إلى التحريض والحض لتكون أوروبا وحدة واحدة في الإساءة أمر غريب ومستهجن.
ذكرت سابقاً أن حرية الرأي لم تشفع لمركز زايد للدراسات في الإمارات العربية المتحدة في البقاء، قامت الدنيا لأن شابة يهودية بدأت حملة ضده، و «فزع» لها الساسة حتى حصلوا على مبتغاهم، هنا توقفت الحرية عن التنفس. وأشرت أيضاً في مقال بعنوان «الخلاصة» إلى فشلنا في إدارة هذه الحرب العدائية، حكومات ومنظمات إسلامية وأهلية.
من الواضح أن هناك محاولات حثيثة لفتح جبهات جديدة للصراع الثقافي الديني مع العالم الإسلامي يقودها المتطرفون في اوروبا، قد تكون لها هناك حسابات سياسية داخلية. أما الخارجية المتوقعة فمن اهدافها خلخلة الثوابت وخدش القناعات الدينية وإعادة رسم صورتها الذهنية.
يرسم بعض الغربيين خططهم الآن على الشباب في العالم العربي، فالذي يحدث الآن هدفه مستقبلي طويل الأجل، وهو متضامن مع الضخ الإعلامي الغربي المروّع المترع بالدماء والإثارة. ويلاحظ انه مع كبر حجم الحملة الاخيرة لم تَجْر جولات سياسية للطبطبة، وفي تكتيك الموجة الجديدة المنظمة محاولات للترويض ومن ثم التركيع الثقافي… وربما استثمار رد الفعل العاطفي غير الحكيم، وإذا عدنا إلى تصريحات الرسام الغريب الأطوار حين أبدى عدم ندمه وصعد الحملة بقوله إن على المسلمين التعود على الهزء برموزهم الدينية… لأنهم في الغرب يفعلون ذلك! وقارنّا ذلك بالهجمة التي واجهها مركز زايد للدراسات حتى تم إقفاله نصل إلى نتيجة أنه ليس للحرية في عرفهم سوى مفهوم يصدر من هناك.
وإذا نظرنا إلى أن صِداماً حصل بين أميركا والعالم الإسلامي بسبب أحداث أيلول (سبتمبر)، تضرر منه المسلمون وما زالوا، فإن من الواضح أن هناك حماسة متقدة لإشعال صِدام بين أوروبا والعالم الإسلامي، وهو أمر ليس في مصلحة الطرفين. والخلاصة أن ردود الفعل العاطفية تضرّ أكثر مما تنفع، والأمر بحاجة إلى كثير من الحكمة والسياسة لصوغ الردود المناسبة، مع أهمية ألا يكون الصمت من بينها. الواجب أن نعمل بخطط مدروسة لها استراتيجيات بعيدة المدى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
مرحبا كاتبنا الفاضل…
قد اصبت فيما ذكرت , وانه من غير الحكمه ان يصعد الموقف اكثر من ذلك من قبل رؤساء حكومات واصحاب نفوذ دولي وقرار رسمي الذي كما علمنا انه انتفت واقعيته كما قرأنها في آخر خبر نشرته الجزيره, ومن المؤكد ان الحرص ليس من اجل شعوب مسلمه تقطن بلدان ناميه بل من الجاليات المسلمه الاوروبيه التي تعتبر انها اهينت من قبل حكوماتها وهذا الأهم والأخطر وما نعول عليه لوقف هذا الهجوم…الدور على المواطن الاوروبي المسلم للتصدي للعدوان الموجه ضده اولا قبل ان يوجه الى الخارج, خاصة وان دول عظمى مثل المانيا لا يهمها اراء شعوب مهمشه عجزت ان تحل قضاياها فضلا عن ان تنشغل بقضايا خارجيه فوق طاقتها..
شكرا لك مجددا
السلام عليكم ورحمة الله
اخي العزيز
عبدالعزيز
اولا لا استغرب اجادتك في طرح القضية باسلوبك المميز
ووصولك للهدف باقصر الطرق
لكن المستغرب فعلا هو ردة فعلنا السلبية للاساءة الدنيئة لاطهر وافضل البشر
نحن لا نطالب الغرب بالعدل
فقد تعودنا منهم الظلم منذ عصور صدر الاسلام
واكبر دليل هو تواطؤهم الدائم مع اليهود في فلسطين
ولكن يجب علينا ان لا نتوقف عن الذود عن رسولنا الكريم باموالنا وارواحنا
إذا كان الساسة في الدول الاسلامية سلبيين فيجب ان لا ينعكس هذا علينا
ولكن نحتاج الى من ينظم ردة فعلنا ويوجهها لطريق السليم