فركت أذني مرة ومرتين، ثم تطلعت لمن حولي مدهوشاً، متسائلاً، بحثاً عن نجدة للفهم. هل ما اسمعه يقال حقيقة أم أني احلم في ظهيرة ساخنة؟
هل يعقل أن سجن المحتل الغازي أصبح أفضل من الحرية، إذاً ما هي الأوضاع في محيط الحرية تلك إذا كان القابع في السجن يطالب بالبقاء؟!
ضابط رفيع الرتبة من القوات الأميركية المحتلة للعراق، مسؤول عن سجن قرب بغداد، فيه أكثر من 23 ألف سجين عراقي، ظهر وصرح قائلاً إن السجناء العراقيين يرفضون إطلاق سراحهم ويترجّون السجانين الأميركان إبقاءهم! لماذا؟ لإكمال الدورات التعليمية التي تقدمها القوات الأميركية للسجناء! الخبر الظريف الذي سمعته وشاهدته في قناة «العربية»، لم يتوقف عند هذا الحد بل أضاف العسكري «السجان الفاضل» أن السجناء العراقيين طالبوا بإحضار أقربائهم للعيش معهم في السجن لينعموا بالنعيم المقيم والتعليم. بالطبع لن يحضر احد للسجن، إلا بالقبض عليه.
هذا من أخبار القرن، كأنه ثمرة من ثمار شجرة الشرق الأوسط الجديد اليانعة، سجناء عراقيون يرفضون إطلاق سراحهم ولا يكتفون بذلك، بل يطالبون بلم الشمل مع عائلاتهم من الأبناء والأهل وسجنهم معهم، يبدو لي أننا نشهد ولادة صنف جديد من السجون، انه السجن العائلي التعليمي.
لم يكشف الضابط رفيع الرتبة عن ماهية هذه الدورات التدريبية، مثلاً هل هي مشابهة للدورات التي أقيمت في سجن أبو غريب؟ أم أنها على مستوى أعلى؟ هل يتوافر في طاقم التدريب مجندات مثل تلك «البطلة» التي أعلنت ندمها أخيراً؟ هل تم مثلاً إحضار أنواع جديدة من الكلاب الشرسة والكمية محدودة!
لو قيل إن السجناء العراقيين يرفضون إطلاق سراحهم لأنهم يخافون قتلهم على ايدي الدوريات الأميركية لكان طلباً معقولاً، لو قيل إنهم في خوف على حياتهم من فرق الموت التي ترتدي ملابس الشرطة، أو تلك التابعة لأحزاب ضالعة في الحكم، أو إرهابية القاعدة وشركات الأمن عبر البحار لكان الاحتمال وارداً، أما جلب بقية العائلة للسجن لينعموا بالدورات المكثفة فهي نكتة العام الخامس من الاحتلال.
النتيجة أن السجن الأميركي أفضل من الحرية على أراضي العراق، بل هو مطلوب ومقدم… فهل يتمدد هذا السجن إلى كل أراضي العراق. عزيزي العربي أنت تشاهد تدشين حملة إعلامية لتحسين صورة السجون الأميركية، ربما تجد من يصفق لها، مع أن فضائح أبو غريب وغوانتانامو على مرمى الذاكرة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
للأسف يا أستاذ عبدالعزيز أننا صرنا نعيش في عالم متناقض
اللهم لا تفتنا!
شر البلية ما يضحك. هي اله دعائية تملكها اتمريكا وتسخرها معها كجزء من الحرب الثقافيه لتغيير ملامح عقولنا