المُسْعِفون الجُدُد

يمكن اعتبار منتصف ليلة الخميس في شارع «التحلية» وسط الرياض من ساعات النهار! السبب كثرة السيارات، وحضور لافت لتجمعات الشباب الصاخبة ومرتادي المقاهي، مع وصلات من استعراضات الدراجات النارية ذات العجلتين والثلاث والأربع في الطريق، وعلى الأرصفة.
الطريق جميل، ودُشِّن قبل فترة كـ «شارع ذكي»! أما الصخب فيه، إضافة إلى هواة تسميع الآخرين «إجبارياً» ما يعشقون من موسيقى، فمصدره السيارات المعدلة. يتم تعديل عادم السيارة ليصدر صوتاً نشازاً حاداً كاسراً للحواجز والطبلات، كأنه صراخ يعلن عن حاجة صاحب السيارة للتعديل!
يعيش هذا الطريق حالة تكيف بين رجال الأمن، وذلك الواقع. وهم يقفون، أحياناً، على نقاط تفتيش تدفع بالصاخبين إلى استخدام الأرصفة أو انتظار حذف النقطة من الطريق ليبدأ الاستعراض.
»خلّهم يوسّعون صدورهم»، هذه العبارة هي ما يردده بعضهم رداً على مَنْ يلاحظ تجاوزاتٍ هنا وهناك، وكأن توسيع الصدور لا يمكن أن يتم إلا باحتلال مساحات من صدور أخرى، لتضيق وتضيق.
الوصف السابق هو حال ذلك الطريق في ليالي الإجازة الأسبوعية، تم التعود عليه والتجانس معه، لكن الأسبوع الماضي وسط الازدحام الليلي، ظهر مؤشر خطير، تعرض شابان لحادثة مرورية في منتصف الطريق، أدى دخول سائق سيارة أخرى على سيارتهما إلى انحراف الأخيرة وفقدان السيطرة عليها فاتجهت لتصطدم بنخلة، تعرض السائق والراكب إلى كسور ورضوض ودوخة. إلى هنا، الأمر عادي . كل يوم تقع حوادث مرورية أشنع من هذا، و»إذا سلم العود الحال يعود»، والحمد لله على السلامة… ما الجديد إذاً؟
خرج المصابان من السيارة وهما في حالة صعبة، كسور وهلع ودوار، تجمهر عليهما بعض المارة، «سلامات»..، ووسط عبارات السلامات والتمنيات الطيبة كانت هناك أيدٍ تمتد لتسرق. تم تشليح السائق وزميله، سُرقت الجوالات والكبكات! وحتى الأحذية؟ توقع احد المصابين أن من يحرك رجله من المتجمهرين يريد إسعافه، فقال له ليست هذه المصابة بل الأخرى؟ فكان الرد تشليح الحذاء والجوارب من كلتيهما. المصاب لا يستطيع الحراك، واللص بهدوء يستلّ ما يريد، وسط طريق مكتظ! تخيّلْ لو كانت عائلة من نساء وأطفال مع سائق… ماذا سيحدث يا ترى؟ تخيّلْ لو كانوا في طريقٍ مظلمٍ ناءٍ، لاحقاً ربما يُصنَّفون من مجهولي الهوية بعد تجريدهم من كل شيء!
ربما لا تكون الحادثة الوحيدة من نوعها، لست أدري! لكنها مؤشر خطير على انحراف في السلوك، وتردي أخلاق، وهي بحاجة إلى مراجعة أمنية اجتماعية. هل أقول اقتصادية؟ لذلك انتبه – عزيزي – من المسعفين والمتجمهرين في كل الشوارع، سواء أكانت مظلمة أم ذكية… حتى لا تكون «تحلية» لأحدهم!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

7 تعليقات على المُسْعِفون الجُدُد

  1. سعود الهجله كتب:

    بسم الله الرحمن الرحيم ..

    مقال رائع ويحكي الواقع وانا أحد الشباب وكل ما صورتة بهذا المقال صحيح و في أماكن أخرى أيضاً .. وأيضاً هنالك طرق كثيرة منها .. أنا يأتي أليك ويهمس اليك بضحك أو وكذا طريقة الى أن تبدأ المشكلة بينك وبينة ومن ثم يقوم بالضرب و و .. وهو متعمد لهذه المشكلة لكي يجني يسرق من هاتف جوالاً أو جهاز كمبيوتر محمول .. ومن ثم الهروب .. !!

    السبب حالة الفقر التي بدأت تداهم الاسره في هذا البلد رغم تكدس الاموال لدى الدوله ؟…(( لكن ما الفائده لاموال لا يطال الشعب خيرها ؟ ))

    هناك من لا يستطيع الربط بين الاحداث والظروف الاجتماعيه أو الاقتصاديه لشعب ما … الفقر كافر … أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( عجبت لرجل يدخل بيته ولا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه … عمر بن عبد العزيز رغم أن مدة حكمه قصير جدا في حياة الدوله ( سنتين وخمسة أشهر ) هل نعرف أنه في زمان هذا الخليفه الراشد الخامس وصل الامر أن الناس عفت عن أخذ الزكاة لقد أغنى عمر الناس …. عندما جاءه خازن بيت المال في بداية حكمه وبعد تنظيمه للامور بدأت الاموال تتكدس ببيت المال ذهب خازن بيت المال وقال يأمير المؤمنين لا أجد مكانا أضع فيه المال قال له الخليفه أعلن في أرجاء الدوله من كان عليه دين قضيناه عنه فقضى عن جميع المديونين ولكن المال فاض فجاء اليه خازن البيت يخبره قال له أعلن في أرجاء الدوله من لم يتزوج ويريد الزواج سوف نتكفل له بكل شئ فزوج الناس … بالنهايه لم يجد الناس من يأخذ زكاتهم لقد أغنى هذا الخليفه الناس … عندما يجد الناس حتى الكفاف تعف أنفسهم عن الحرام … المسؤوليه ليست ترف وتنعم وقصور وأرصده بل هي كما وصفها عمر بن الخطاب عندما قال واصفا المسؤوليه … إنها والله أمانه وإنها والله يوم القيامه خزي وندامه إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) قال تعالى ( إن خير من أستأجرت القوي الامين ) الحاكم لم يوجد إلا لخدمة الشعب وليس العكس .

    ……………………………………………

  2. مواطن كتب:

    هههههههههههه من جد تصلح حلقة لطاش .
    صورة مع التحية لمن كان سبب في الوضع الاقتصادي المتردي للناس وبالاخص وزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد وهيئة سوق المال
    واصبر وبتشوف الناس لا جاعت بتشوف منها العجب خصوصا اذا ماكان فيه عقوبة رادعه ولا فية قدوة صالحه ولا تربية في البيوت
    والله يستر علينا والله الوضع ماصار يطمن ابد ماعاد صرنا زي قبل 15 سنة الواحد ماعاد يامن حتى على نفسة ينسرق عيني عينك وقدام الناس ولا احد يحرك ساكن

  3. عيسى كتب:

    لا حول ولا قوة إلا بالله
    كثرت مؤشرات الأنحراف السلوكي في الوقت الراهن وكثرة الجريمة كل يوم نسمع عن أنواع جديدة من الجريمة .
    قبل أسبوع أو أكثر طالعتنا الصحف على خبر أعتداء وافدان عربيان على ثلاثة شبان سعوديون أنتهى الأعتداء بمقتل أحد الشبان طعناً بالسكين وأصابة الأثنان .. وذلك أثر ملاسنه كلامية نتيجة خطئ مروري .
    ولو رجعنا بالذاكرة إلى قبل أسبوعين أو ثلاثة لتذكرنا خبر مشاجرة بين مجاميع من الشباب في أحد المجمعات التجارية بجدة في وقت متأخر من الليل أنتهت هي الأخرى بأزهاق روح وأصابات ..

    ترى هل هناك من ينظر إلى هذه بعين الأعتبار ويحلل لأسباب ويضع الحلول ؟

    هل وصلنا إلى حد تفشي الجريمة والسلوك المنحل ؟

    أين التربية ؟ أين المؤسسات التربوية ؟ أين الجهات الأمنية ؟

  4. برفشنل كتب:

    عزيزي الكاتب لك الشكر على ملامستك ما يدور في حياتنا ولكن للأسف لا يوجد احد يولي إلى هذا الأمر بال بل يلتفت إلى الجهة الأخرى لكي لا يرى شي نحن نعاني من إشكاليات تربويه وأخلاقيه لان الأب وإلام هم من يحتاج للتربية ويليهم بعض المعلمين يجب توعيه الأب وإلام و المعلم لكي يعرف واجبه التربوي اتجاه هذا الطفل .يجب أن تكون هناك دراسة اجتماعيه توجد الحلول والتوجيهات باعتقادي أن الوضع المادي هو سبب من الأسباب لكن أجد أن التربية والتعليم السبب الكبير

  5. أحمد ردة كتب:

    بالفعل .. ظاهرة المسعفين الجُدد .. أو لنقل عنهم المسعفين اللصوص أصبحت ظاهرة ملحوظة إلى حد ما .. لقد شهدت حادثة مماثلة تماما لما حصل في الـ”الشارع الذكي” بالرياض حين كنت عائدا مع صديق من إحدى الاستراحات شمال مدينة جدة على طريق المدينة بالقرب من محطة الرحيلي حين وقع حادث مروري أمامنا انقلبت فيه سيارة يستقلها مجموعة من الشباب ومعهم فتاة وبعد أن استقرت السيارة تماما هرولوا من داخلها مذعورين باتجاه الطريق العام حتى أن السيارات كادت تدهس من حاول عبور الطريق بغير وعية من هول الحادث .. وفي لحظات اختفوا تمام .. ليتجمهر بعد ذلك عشرات الشباب في موقع الحادث قبل أن يقوم وبوقاحة شديدة إثنين بتشليح السيارة المقلوبة “عيني عينك” والاستيلاء على عُدد وشنطة أعتقد أنها إسعافات أولية هكذا بدا لي أنا وصديقي الذي سارع بالاتصال على الجهات المختصة ويسجل بلاغا عن ذلك قوبل ببرود شديد ممن تلقى البلاغ .. الامر الغريب الآخر أن سيارات رجال الامن لم تصل للموقع بالرغم أنه لا يبعد عن نقطة تفتيش الرحيلي سوى بضعة كيلو مترات وبقينا نشاهد ونتأمل لأكثر من نصف ساعة في الهيئات الغريبة للشباب المتسكعين من ذوي الهيئات والــ”الوك”المقزز وكأنهم كائنات ليلية غريبة ظهرت فجأة من تحت الأرض .. حينها فضلنا الرحيل سريعا .. المطلوب .. إيجاد لوائح أو لنقل تنظيم يحدد حجم الجرم من هذا النوع لـ”لصوص الحوادث” المرورية يشهر بهم ويعاقبوا بعقوبات وجزاءات رادعة
    تحياتي

  6. saad كتب:

    غني يابو احمد ( يا لييييييييل ما اطولك )

  7. فهد كتب:

    لا تقل ان الحاله الاقتصاديه هي السبب لوحدها في السابق كان في هالبلد فقر لا يعلم بحاله الا ربنا ولم تكن الامور كماهي الان في السابق لو قطعت يد احدهم بسبب السرقة انتشر الخبر عند القاصي والداني الان تبلغ عن سرقة مثلا يسئلونك هل تدعي عليه والا بيخلون سبيله ..عجب

التعليقات مغلقة.