سعوديون في المغرب

لم نعد نسمع صوت السفارة السعودية في الرباط، في بداية نشر الصحف المحلية عن قضية السعوديين الثلاثة المعتقلين بتهمة الإرهاب أبدت السفارة السعودية في المغرب اهتمامها ثم تراجع هذا الاهتمام.. إعلامياً على الأقل، ولأن ما خلف الكواليس لا يصل إلينا ولم نستطع الوصول إليه، أقول إن صوتها خفت إعلامياً، لكن القضية في جزء مهم منها إعلامية!، والمتابعة والعناية بالمواطنين الثلاثة أمر لا يختلف عليه اثنان.
يجب أن نتفق أن الذين ذهبوا إلى أفغانستان في مراحل مختلفة، ذهبوا جهاراً نهاراً وقتها لم يعتبر أحداً أن هذا العمل إرهاباً، كما أنهم ذهبوا بسبب دافع ديني عاطفي، وزاد من الشحن أشرطة كاسيت، وخطب راجت، في وضع النهار، في كل مدينة سعودية، حتى أصبحت هذه القضية الأفغانية قضية سعودية!، بل إن المناخ العام كان يشجع ويحث على ذلك، وحتى بدون هذه الحقيقة فإن من ذهب واتهم، مهما فعل، هو منا وبلادنا بأجهزتها المختلفة مسؤولة عنه، أقول قولي هذا وأجري على الكريم المنان، لأننا نخطئ مرة أخرى عندما لا نهتم بهم الاهتمام المطلوب والضروري، يجب أن يُحتضنوا ويشعروا أن من خلفهم سنداً هي بلادهم، وحتى لا تبقى في نفوس الذين تورطوا منهم من غير علم نكتا سوداء، هم وأهاليهم.
في المغرب صدر حكم على السعوديين الثلاثة بالسجن عشر سنوات لكل واحد منهم، لكن انظروا ماذا يقول محامي الدفاع عنهم وهو حديث نشرته جريدة الوطن يوم الأحد الماضي يقول:
“إن الأحكام كانت قاسية في حق موكليه، على اعتبار أنهم لوحقوا بتهمة تكوين عصابة اجرامية، وأن النيابة العامة لم تتمكن من الادلاء بأي دليل مادي، يؤكد أن المتهمين كانوا يعملون بالفعل تحت غطاء عصابة إجرامية، لأنه لم يكن لهم أي اتفاق واضح، ولم تضبط في حوزتهم مواد متفجرة ولم تكن هناك مخططات للتنفيذ ولا الأموال التي تتطلبها عمليات اجرامية، بمعنى أن عنصر التصميم في تكوين العصابة غير متوفر. أما بخصوص تهمة الإقامة غير المشروعة فإنها لم تبن على أسس قانونية انطلاقاً من المسطرة الجنائية.
وأضاف أن المحاكمة كانت سياسية أكثر من أي شيء آخر، وقال إنه بالنظر إلى شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المسطرة الجنائية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، فإن الأحكام الصادرة في حق الملاحقين كانت أكثر من قاسية، لأنها بنيت على أفعال لم ترتكب ولم تتمكن النيابة العامة من استحضار دليل مادي واحد يثبت صحة التهم الموجهة إلى المتهمين”.
لا أدلة والمحاكمة سياسية؟!، حديث المحامي المغربي مر المذاق، الثبيتي والعسيري والغامدي تمت محاكمتهم وصدر الحكم عكس المحتجزين في البلاد التي تتحدث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان هناك في غوانتاناموا، ورغم أن محاكمة المغرب غريبة وغامضة، والأسئلة التي توالدت عنها أكثر من الأجوبة، إلا أننا لم نر تفاعلاً محلياً يتناسب مع خطورتها، فهل نؤسس الآن من حيث لا نشعر لأزمات مستقبلية أعمق وأكثر خطراً لا يدفع ثمنها سوى مجتمعنا!؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.