الحديثُ عن مكافحة الفساد وحماية النزاهة إذا طال أمدُه ولم تتشكل منه سريعاً أنظمةٌ وقوانين صارمة تطبق فإن الضرر سيكون جسيماً. لقد تجاوزْنا مرحلة تهيئة الرأي العام لحقبة جديدة أنجع وأعمق في التعامل الواجب مع الفساد المالي واستغلال النفوذ والتكسب غير المشروع… وبقي الجانب العملي والتطبيقي.
والواقع أن جهات الرقابة لدينا حالياً ضعيفة، بل هي تشكو من أوضاعها، سواء في قلة الموظفين أم كفاءتهم، في مقابل عمل كبير وضخم ينتظر منها، حتى صوّت ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق لا يزال خافتاً وضعيفاً، هما أيضاً لا يستخدمان الإعلام كما يجب.
المنشود من كل هذا هو حماية الإنسان وحقوقه وصحته، وبالتالي حماية المجتمع وهيئاته من نخر الفساد.
صديقي المستتر نبّهني إلى مقال نشر في جريدة «وول ستريت جورنال»، عن فرص الشركات الأميركية للعمل في السعودية، ومخاطر هذه الفرص ومن هذه المخاطر: الرشاوى، فهي من أساليب الإدارة… الملحوظة! وجاءت الصحيفة بمثال على شركة سعودية اعترفت في عام 2006 أمام محكمة فيديرالية في إلينوي بالذنب، حيث قدمت رشاوى إلى مسؤول هناك للحصول على عقد لضمان الفوز بمناقصتين لتوريد أطعمة تقدر قيمتهما بحوالى 12.8 مليون دولار، وكما قال صديقي المستتر: «ما يرفع الرأس» هو تعليق مسؤول في الشركة السعودية على القضية، إذ ذكر أن الشركة المعترِفة بالذنب مستقلة ولا علاقة لها بشراكات للمجموعة السعودية نفسها المالكة لها مع شركات أميركية، كأنه يقول إن «الحالة سعودية».
صحيح هي «حاجة ترفع الراس»، وهي تذكرني بالتصريح الشهير لمسؤول في مصنع سعودي يورّد الأنابيب للولايات المتحدة على خبر ذكر فيه أن هيئة رقابة أميركية سحبت شهادة الجودة من منتجاتهم، لأنها تحتوي على رصاص، لخطرها على مياه الشرب، وبالتالي على الإنسان، وقتها علّق مدير المبيعات الدولية في الشركة السعودية لأنابيب الصلب قائلاً: «إن المنتج الذي انتقدته المؤسسة يباع في السوق المحلية فقط»، طالبت هنا في مقال عنوانه «خوش صناعة» بالتحقيق في الأمر رحمةً بعطشنا… فهل حقق أحد؟ لا وزارة صناعة ولا مواصفات ولا وزارة مياه. الغريب أن وزير المياه أخيراً حذّر من شركات تحتال على الناس بأجهزة تنقية مياه، ولا يذكر أي إجراء ضدها؟ مثلما فعلت وزارة المياه بخصوص الأنابيب «المرصصة» وكأنّ الأمر لا يعنيهم، بل كأننا لا نعنيهم، فما فرق هذه عن تلك؟!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
اهلين اخوي عبدالعزيز
مرة ذكر دكتور ناسي اسمة بالاخبارية كان يتحدث عن موضوع اقتصادي بالبلد أن ياليت البلد والحكومة توقف أصدار قوانين لمدة سنتين وخلال هالسنتين نطبق القوانين اللي صدرت ولم تفعل مشكلتنا مو في اصدار تنظيم او تشريع او قانون نحن جيدين في ذلك ولكن بعد ان تصدر تهمل ولا تفعل وهنا المشكلة فلا فائدة من تنظيم او قانون اذا لم يوضع موضع التنفيذ الفعلي .. ومنها قوانين مكافحة الفساد اللي سمعنا عن هيئته ولم ترى النور لحد الان ولا اظن انها ستري النور ولو خرجت فستخرج كسيحه زيها زي الجهات الرقابية الموجودة فعلا … ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق أظن انها تعمل ولكن في حدود المتاح لها وفي حدود الصلاحيات الممنوحه لها وفي حدود مايمكن ان يعطي لها من بيانات من الجهات الحكومية والخاصة … يعني بالعربي تعمل وهي مربطة اليدين والقدمين لذلك تخرج تقاريرها ناقصة وعديمة الفائدة … اخر تقرير للديوان ذكر فية ان جملة المبالغ المطالب بتحصيلها حوالى 350 مليون على ما اذكر وعندما تقارنها بميزانية الدولة البالغه مليارات يعطيك انطباع ان اعمال الاجهزة الحكومية تمام التمام لان 350 مليون لا تمثل شي امام مصروفات بالميارات ولكن هذا غير صحيح هناك مبالغ اكثر كان الواجب اعادتها سوء بسبب الرشاوي او سوء استخدام السلطة المالية او سوء التنفيذ او مبالغ غير مباشرة تتحملها الدولة نتيجة سوء تنفيذ المشاريع ويتم التغطية عليها من قبل مستفيدين او المبالغ التي تدفع لمشروع اكثر من تكلفته الفعلية …أضف ان الناس تتحدث وبشكل علني عن الفساد وتطرح امثلة في جهات حكومية ولا يوجد دخان بدون نار ومع ذلك لا نرى أي تصحيح او تحقيق ..
أيضا عيبنا اننا لا نرى بيوم من الايام محاسبة مسئول كبير ومعاقبته فالعقاب عندنا غير موجود واذا وجد فلن يتعدي اكثر من الاعفاء من منصبة ولنا في طيب الذكر كيال ابو الجمل وأذنه خير مثال والا الامثلة كثير ..
زبدة الكلام حتى ينجح مكافحة الفساد لازم يكون هناك ارادة وعزم لتفعيلها ومحنا محتاجين اجهزة جديدة فقط لنعطي الاجهزة الصلاحيات القوية ونوفر لها الامكانيات وستحقق المطلوب بدلا من انشاء اجهزة جديدة تاخذ وقت في التاسيس وتكون مجرد تكرر لدور اجهزة موجودة