قراءة في قرّاء

أستلف هذه الزاوية من القرّاء لأكتب عن بعضهم.
يبدأ بعض القراء رسائلهم إلى هذه الزاوية بالمثل الشعبي «أنت تنفخ في قربة مشقوقة»، إلى هنا والأمر عادي، لكن هؤلاء الإخوة والأخوات وبعد إشارتهم بالسبّابة إلى «الشق في القربة» يقومون في الرسالة نفسها، بعرض قضايا عامة أو خاصة طالبين من الكاتب طرحها والكتابة عنها، والأمر هنا غير منطقي ولا يستقيم، فإذا كانت القربة مشقوقة فما فائدة الطرح ونثر الحروف؟ يظهر أنه بصيص الأمل، الذي يبقي الشمعة مضيئة، وهو بصيص يجب ألا يختفي ولا بد من أن «نداري عليه».
أما «القِرَبْ» فلم يعد أحد يستخدمها، اللهم إلا في حالات متوارية عن الضوء، ربما في الليث وبيشة ومحافظات مثلها… إنما في الجوهر «للقربة» قيمة بما تحتويه، الماء مصدر الحياة والنماء والحضارة أيضاً، لذلك فهي صورة من صور الأمل المنتظر والمتوقع وفي أعماقها يقين الطمأنينة بتوفر الحاجة عند الاحتياج.
حتى لو كانت هناك قربة مشقوقة فلا بد من وجود «قرب» أخرى غيرها، ورجال يحرصون على رتق ما انشق وإصلاحه، ومراجعة حامل القربة ومحاسبته إن أخطأ، وقدرنا أن نساعدهم بجهدنا، مستعينين بالله تعالى، واجب المساعدة يأتي بذكر حقيقة الواقع لا بالمداراة عليه وتجميله بما ليس فيه… وأيضاً عدم الصمت عنه.
وفي الأماني، تعليقاً على تذمر قرّاء من عدم تناول همومهم، الكاتب يود طرح كل ما يهم قرّاءه وناسه ويشغل بالهم، ويتجاوب مع كل رسالة، لكنها الكتابة العجيبة، تعتقد انها في يدك والواقع أنك في يدها، الكتابة الصحافية ليست «حصة تعبير». بل هي فكرة أشبه بالقصة المحبوكة، هذا لا يعني إهمال رسالة أو قضية بل هي تبقى عالقة في الرأس إلى حين.
ومن رسائل بعض القراء العرب التي تعلق على ما يطرح من شؤون محلية سعودية في هذه الزاوية أجد تطابقاً في الهموم وتشابهاً عجيباً في العثرات التي تواجه التطوير وتحسين أحوال البشر، الحال واحدة لأمة واحدة! وإن اختلفت الأماكن والأسباب والظروف وحتى الإمكانات.
وخلال الفترة الماضية مستنداً إلى قراءة متأنية للبريد لاحظت أن القارئ «الرايق» اختفى، تحولت غالبية رسائل القراء إلى هموم وشؤون شخصية أو عامة، إنها في الشأن المحلي تتمحور حول الشكوى من غلاء الأسعار، ارتفاع الإيجارات غير المبرر، الأمن، عدم توفر وظيفة على رغم الشهادة والدورات المتخصصة، تحسين مستويات الموظفين مالياً ووظيفياً، ترقيات وإعادة تصنيف لمستحقين وغيرها من هموم ربما بعض منها في كل رأس.
وما زال معظم القرّاء لا يذكرون أسماءهم في الرسائل، ولا وسيلة اتصال في حين يطرحون بحماسة قضايا شخصية قد تستلزم التحري، بعض آخر يؤسس بريداً إلكترونياً للإرسال لا غير عملاً بقولهم: «قل كلمتك وانحش».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على قراءة في قرّاء

  1. riyad كتب:

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    يا عمي الله يرحم والديك عن النار و يجعل ما تكتبه في حسناتك لتتبعك مشاكل و هموم الناس .
    فرحت جداً لتعليقك على تعليقات القراء
    و حزنت اكثر لعدم ذكرك موضع مهم دائماً اذكره
    و الله العظيم يا استاذنا الفاضل ما نبحث عنه في هذه البلد هو قليل من الكرامة ، كما قال دريد لحام في مسرحيته الشهيرة ” كاسك يا وطن” عن احوال فلسطين مع اليهود : ” الله وكيلك يا ابي مو ناقصنا الآ شويت كرامه ”
    و اذا كان عندك الوقت الكافي يمكنني كتابة مئات من الصفحات تثبت وجهة نظري ، و ليس اقلها : وضع نظام المراقبة الجديد في المرور لتسجيل المخالفات بشكل آلي يعني بدون مصاريف اضافية من عسكر و جند و ضباط و سيارات و دفاتر و غيره ، يعني الموضوع زيادة دخل المرور للدولة ، يعني انتفاء الدور الحقيقي للمرور و هو المحافظة على ارواح الناس ، يعني اللى بيسرع يسرع و خل المكينه تسجل و يدفع الغرامه و هو يضحك ما همته ارواح الناس ، لو ان القانون صح كا بعد عدد من المخالفات و خاصة السرعه يكون هناك استجواب في محمكة خاصه ثم حكم بالسجن ليحرم السرعة مجدداً ، لكم المشكلة : لا حياة لمن تنادي .
    سلام يا وطني اللذى لا اعرفك و لكنى اعرف رائحتك.

التعليقات مغلقة.