في الصحافة

الركض الصحافي وراء الخبر ليس مبرراً للخطأ، وإنْ وقع الأخير، وهو كثيراً ما يقع في عمل يومي مكشوف طويل الإمدادات متعدد المحطات، إذا وقع الخطأ، يجب أن تتوافر شجاعة أدبية للتصحيح والاعتراف بالخطأ.
لا يجوز للصحافة أن تطالب بالشفافية ولا تعمل بها، والاعتذار عن الخطأ دليل صحة وثقة، وهو يُنتج أيضاً مزيداً من ثقة القارئ، والواقع أن الصحف المحلية ليست سواء، هناك اختلاف كبير، والأخطاء تقع، لكن التعامل معها يختلف من واحدة لأخرى، والخطأ إذا تعرض لأمر من الخصوصيات الشخصية يكون مزعجاً، فإذا اجتمع معه «سوء دِبْرَة»، وضعف في المراجعة والتحري، يصبح مؤلماً.
يبدأ الخطأ الخبري في الصحافة من المحرر الميداني، غالباً ما يكون هذا المحرر مبتدئاً، أو قديماً لم يطور قدراته، وتطوير القدرات له سوالف في الصحافة يطول شرحها، أهمها احتكار الخبرة، وعدم نقلها، من جيل إلى جيل، إما لأنها غير متوافرة أصلاً ومخفية تحت غطاء اسم الوظيفة وحواجز المنصب والاجتماعات أو عبارات مفخّمة هي أقرب إلى التنظير، تقال في كل مناسبة.
يبدأ الخطأ الخبري من المحرر الصغير، لكنه لا يتحمل كل المسؤولية، بل جزءاً صغيراً منها بحجم موقعه الوظيفي، لأن العمل الصحافي متعدد المحطات يمكن إصلاح «البنشر» وضبط الأنوار وتعديل الاتجاه في أي محطة، وخطوط الفلترة في الصحافة أو الدفاع كثيرة، تبدأ من رؤساء الأقسام لتمر بسكرتير ومديري التحرير ثم نوابه لتصل إلى الرئيس، كل هذه العيون والرؤوس، الأكثر خبرةً، تشترك في صياغة الخبر، إما بالتعديل والموافقة أو الرفض.
لذلك تجد أن للصحافيين سمات محددة، غالبيتهم تسكن في مكاتبهم، ويرون الورق أكثر من عائلاتهم ويعرفون المطاعم القريبة جيداً.
من الأمانة أن يُشْعِر الصحافي مَنْ أمامه انه سيسجل الحديث، ومن الأمانة أن يستأذن الصحافي إذا ما سمع عرضاً شيئاً أعجبه قبل التفكير بنشره، ومن الرصانة ألا ينشر إذا رفض طلبه. لأنه ليس في مؤتمر صحافي ولا في مواجهة صحافية، وحالياً اضطر إلى قراءة الخبر نفسه في أكثر من صحيفة، فإذا انفردت واحدة به حاولت التأكد أكثر، أتحدث عن الأخبار المحلية. أما في أخبار السياسة فلها أصول أخرى، وقراءة أخرى.
وهناك أخطاء مضحكة وأخرى موجعة والنصيحة للصحافي المبتدئ أنه إذا أعجب بموضوع أو خبر متوقعاً منه خبطة صحافية، فعليه التحري أكثر حتى لا تكون خبطة على رأسه ورأس الصحيفة، فهو صحافي لا ناقل حكي وليس قناة فضائية تحرص على «خبر عاجل» قد يجعله عاطلاً، وعليه التذكر أن خبراً يُنشر باسمه، إما يبني هذا الاسم أو يهدمه… فهو غالباً الكبش السمين الذي يُقدَّم على صحن للمتضررين.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على في الصحافة

  1. فيصل الفهيـــــــــد كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ الغالي ابو أحمـــــــــــــد
    أجزم مثل غيري أن غالبية الصحف تدور كلها في دائره واحده أخبار مكرره .
    و أكثر المراسلين الميدانيين يهمهم الإثارة قبل الصراحة والمصداقية .
    ولا يوجد كذلك حرية صحافية من ناحية مسألة ومحاسبة أصحاب كراسي الوزارات .
    وكذلك رؤساء التحرير هدفهم التسويق المادي قبل التثقيفي في أغلب الصحف إن لم تكن كلها .
    وعدم وجود أقلام همها مصلحة المواطن وحل مشاكلة من مسكن ومأكل وإيجاد دخل دائم وثابت يسد الحاجة بسبب غلاء المعيشة الفاحش .

  2. صحفي معايش المشكلة كتب:

    آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا أستاذ عبدالعزيز وضعت قلمك على الجرح لكن للأسف من دون أن نجد طبيب يطبب هذا الجرح الذي ينزف ومازال ينزف.
    للأسف لا يوجد ميثاق شرف صحفي ولا يوجد من يحاسب .قال قال هيئة صحفيين!!!!
    فالجميع يلوم المحرر إذا وقع خطأ ما و فقط نحن المحررين نجد قرار فصل أو أيقاف عن العمل عندما يقوم وزير أو أمير أو مسؤول بالاتصال على رئيس تحرير ليشتكي من خبر نشر ضد مصلحة الوزارة وفي مصلحة الوطن.
    آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه موضوع بل قضية طويلة تحتاج نقاش جاد.

التعليقات مغلقة.