أحضان سياسية

هل هي مشاهد كوميدية تلك التي نطالعها على شاشات التلفزيون عند كل لقاء بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزراء الدولة الصهيونية أولمرت؟ قبلات ترددية يجف منها الريق، وبشاشة وأحضان، علاقة حميمة مترعة بالعواطف الجياشة الظاهرة على طرف كل لقطة فلاش، وكأنهما للتو انتهيا من حضور حفلة عرس، يخرج بعدها أولمرت ليأمر بتوغل وبقصف جديد، وليطرح مشروع بناء مستوطنات جديدة، في حين يطالب عباس المجتمع الدولي بالتحرك والقيام بواجباته.
ما هو كنه هذه العلاقة «الدبقة»، وكيف تصنف سياسياً؟ بل كيف يراها الرأي العام العالمي في الصور والأخبار والأطراف «المتصارعة المتفاوضة» تبتسم وتتضاحك أمامهم بعد كل اجتماع، منشغلة عن كل شيء حولها بحرص كل طرف على تقديم ضيفه «الكريم» لبرواز الصورة.
من المروّع ان تبتسم وتحتضن أمام عيون العالم جهاراً نهاراً في الفضاء الرحب من يأمر كل لحظة بقتل شعبك ويحاصره ويرفض الوفاء بحقوقك والالتزام بتعهدات وقّعها معك، وإذا كنت لا تستطيع ولا تملك القدرة على إجباره أو إقناعه بالوفاء بالحقوق، فلماذا تقدم له الهدايا العاطفية المجانية أمام العالم… ثم تشتكي من غطرسته؟ هذه الوقفات القصيرة أمام الفلاشات وكاميرات القنوات، طويلة البقاء في الأذهان، تعطي رسائل خاطئة للرأي العام العالمي الذي يلح عليه كل لحظة الطلب بالقيام بواجباته.
وكأني بجزء من الرأي العام العالمي… المتلقي يقول: انتم سمن على عسل، لكنكم استمرأتم الشكوى.
قد يكون هذا من بقايا ديبلوماسية القبلات التي اشتهر بها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ربما في تلك الفترات كانت الظروف بحثاً عن اعتراف دولي بشرعية التمثيل وقناعة بالحقوق… أقول ربما كانت تسمح بأن يقدم صاحب الحق الضعيف للمقابل الذي وافق على لقاء… اعز ما يملك… العواطف والامتنان، إلا ان هذا لا يمكن استيعابه ليستمر بتكرار ممل، ومع من؟ مع عدو اثبت بعد طول مفاوضات ووعود وخرائط طرق ولجان مربعة وجولات مكوكية «وتلكك» انه ببساطة لا يريد ولا يرغب في تقديم شيء، لأنه ليس مضطراً ولا مجبراً، ولن يقدم شيئاً بطيب خاطر، ولا يشكل له ضغطاً ولن يحرك له جفناً ولا رمشاً غروب شمس عهد بوش من دون وفاء الأخير بوعده، واستدرك انه لم يكن وعداً بقدر ما كان «حضناً» للمغازلة السياسية كانت له حاجة «بوشية» في لحظة ما، انتهت وتبخرت.
أضعف الإيمان… «مد بوزك» قليلاً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على أحضان سياسية

  1. فيصل الفهيـــــــــد كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    إستاذي الفاضل أبوأحمـــــــــد
    يقول المثل ( من أمن العقوبة أساء الأدب ) .
    وبعدين لو ما شفت هاالقبلات والأحضان كان ما جلس علي كرسية ولا دقيقة .
    فلسطين ضيعوها منهم علي هالجنس وأصحاب المصالح الشخصية .
    ما همهم الي أنفسهم والكرسي وكل يدور المصلحة .
    ( المصلحة طبعاً إطاعت أوامر الكلب والكلب يكرم (( بوش )) عليه من الله لعنة .
    اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
    آميــــــــن آميـــــــــــن آميــــــــــــن .

التعليقات مغلقة.