طالبت وأنا منغمس في الشأن المحلي السعودي بأن يعتبر الإعلام المقروء شريكاً لجهات حكومية، لا في خانة الضد، فلا يحسب متربصاً بجهة من الجهات، بل مساعداً لها حتى ولو كان في نقد المقالات والتقارير الصحافية حدة بعض الشيء. لا تأتي الحدة إلا بعد تراكم طويل من السلبيات والإخفاقات في مقابل وعود لا تتجاوز تصريحات صحافية بالتحقيق والمساءلة، إنما لا تنتهي إلى شيء «يبرد الكبد».
أشرت هنا قبل أيام إلى أن «سوق الصيدلة» في السعودية ملف فيه العجب، كأنه منجم ذهب، وبعد أيام نشرت صحيفة «الاقتصادية» تقريراً رائعاً عن قضية الفساد في صحة المدينة المنورة، يحسب لمن عمل عليه، ومن ضمن مكامن الفساد، تراخيص صيدليات، وأمور أخرى.
الميزة في هذه القضية عن سابقات في الصحة أن هيئة الرقابة والتحقيق طرف فيها، بل إنها وصلت أو في طريقها للشرع. لن أدخل في التفاصيل بل أشير إلى تفاؤل بأن هيئة الرقابة والتحقيق تفتح صفحة جديدة في عملها، خصوصاً بعد إعلانها اهتماماً بما تنشره الصحف، من هنا أشدّ على يد العاملين فيها دعماً وحثاً لهم لأخذ طريق الشراكة مع الإعلام، والتقدم خطوة في إعلان نتائج الأحكام عندما تصدر، والعمل على سرعة إصلاح الأنظمة وسد الثغرات التي ينفذ منها أعداء الإصلاح.
وما نشر عن صحة المدينة فيه صحة لوزارة الصحة ولخدماتها، حتى ولو أزعج البعض. صديقك من صدقك لا من كال لك المديح وغطى على عيوب يراها كل الناس، ولا من حاول تفتيت قضايا حيوية هي هاجس المجتمع بالقول إن التقصير في ذلك الجهاز ليس حالة استثنائية، ولا أيضاً من يسبح في النصف الممتلئ من الكأس متعامياً عن فراغ كبير تضيع فيه الأكثرية، الإصلاح يأتي بالنقد الصادق لا بالإبر المخدرة.
ومع صفحة جديدة لنشاط هيئة الرقابة والتحقيق أطالبها بأن تتطلع باهتمام لما نشرته صحيفة «المصري اليوم»، عن قضية 250 طن لحوم فاسدة في السعودية في عددها الصادر بتاريخ الاثنين 28 تموز (يوليو) 2008، وهو متوافر على الانترنت، والمتحدث للصحيفة قال إنه كان مديراً لشركة في السعودية، ومن الفائدة لهيئة الرقابة والتحقيق أن تربط ذلك بما كشفته أمانة مدينة الرياض أوائل هذا العام عن مئات الأطنان من لحوم فاسدة استطاعت وضع اليد عليها ولم تذكر اسم الجهة التي خزنتها؟ ربما بسبب ضعف الأنظمة وعدم إيكال التشهير للبلديات… في مقابل عدم اهتمام يذكر من التجارة والصناعة بهذه القضية. من خلال هذه الزاوية طرحت استفسارات وأسئلة عن ما تم من عقوبات تجاه الشركة صاحبة الأطنان والجناة فلم يرد أحد، لعل الفرج يأتي من باب هيئة الرقابة والتحقيق، إنها في اختبار لتنفيذ توجيهات القيادة السعودية لمكافحة الفساد، أما الشركة فربما لا تزال تعمل على «تتبيل» اللحوم؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط