«طاقية الإخفاء»

ما علاقة هيئة الرقابة والتحقيق بمصنع يسوق لحوماً فاسدة؟ سؤال وردني بعد مقال «اللحوم الفاسدة يا هيئة التحقيق والرقابة»، للوهلة الأولى السؤال معقول، هيئة الرقابة والتحقيق تختص بمراقبة أجهزة حكومية.
الجواب أن المصنع وغيره من المخالفين يقع تحت إشراف جهات حكومية معروفة، بل انه وغيره من الأنشطة الاقتصادية يتعامل مع أكثر من جهة حكومية بحسب صلاحيتها.
وفي حديث الموظف السابق في مصنع اللحوم إياه الى جريدة «المصري اليوم» الذي أشرت إليه في مقال السبت، إشارات طاولت، إضافة إلى المصنع، جهات للتخليص الجمركي، وجهات حكومية من بينها الجمارك السعودية، فهو ادّعى في لقائه مع الصحيفة فسح لحوم غير صالحة من الجمارك بطرق غير شرعية، وهو ما يستلزم فحص آليات الفسح والمنافذ للتأكد من صحة أقواله. معلوم أن أمانة الرياض وحماية صحة البيئة فيها كانت أعلنت عن كميات ضخمة تجهز للتسويق تم الكشف عنها وإتلافها.
لكن ملاحقة البلديات لقضايا الغش، خصوصاً في المواد الغذائية، بحالتها الراهنة غير مجدية، لأنها تتوقف عند الغرامات، مع أن تخزين لحوم فاسدة أو فسحها بهذه الكميات يعني تعمداً وإصراراً، وهو ما يفترض ان يحسب جناية تختص بها الجهات الأمنية وفي مقدمها الشرطة.
واقترح على هيئة الرقابة والتحقيق أن تبحث في تاريخ سوابق تسويق اللحوم الفاسدة المصنعة وغير المصنعة، من خلال فتحها لهذا الملف، ومن خلال تحرياتها ستجد فجوات في الأنظمة وتشعب صلاحيات أتاحا للمفسدين من تجار اللحوم الفاسدة التغلغل وتسويق ما لا يصلح للاستهلاك الآدمي بعد تجهيزه بمغلفات لامعة، كما يمكن للهيئة أن تبادر وتقترح تطويراً للأنظمة، يتماشى مع تطور الفساد، وحصراً للصلاحيات التي أرى أن من المناسب إيكالها للبلديات بما فيها التشهير، لقد أثبتت الأخيرة أي البلديات من خلال وقائع أبرزها قضية أطنان اللحوم تلك، مقارنة بغيرها، خصوصاً لجان الغش في وزارة التجارة والصناعة، أنها أكثر حرصاً على صحتنا، وهو ما يدعوني لاقتراح أن تسند فرقها الميدانية برجال من الشرطة كما هو معمول به مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بالنسبة للإخوة المستهلكين أقول: لا تغرنكم الأسماء البراقة للمنتجات، ولا سلاسل مطاعم شهيرة فما خفي كان أعظم.
المنتظر من هيئة الرقابة والتحقيق أن تترجم على ارض الميدان توجيهات القيادة السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في مكافحة الفساد وحماية النزاهة، ففي هذا صيانة للمجتمع والاقتصاد والوطن، ويتوقع منها أيضاً أن تتجاوز تلك الأخبار الهلامية التي تنشر بين فترة وأخرى مثل الكشف عن تاجر يخزن الحديد أو آخر يخزن الدقيق، أما الأسماء والرؤوس والعقوبات فتحتضنها طاقية الإخفاء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.