نهاية ديكتاتور

كما حرصت دائما وأبداً، أيها الزعيم، أن تكون الأوحد والثابت والمعصوم ومثلما أصررت أن تلغي الآخرين من شعب، ونخب، الغاءً تاماً، وجعلت منهم صرحاً تعلو فوقه وتدوسه برجلك، كلما رغبت، يسلط الله تعالى عليك مثلما تسلطت على المستضعفين، وتدور عليك الدوائر لتكون وحيداً، ويبدأ عقد من جمعتهم حولك وبنفسك، ينفرط حبة تلو الحبة، تبدأ حاشية النفاق في التفكك، والهرب، اولئك الذين غرهم غرورك وأخافتهم سطوتك وتجبرك، وطمعوا في جوائزك، فعاونوك وساعدوك على القتل والسحل، وشاركوك في ظلماتك، وصفقوا كثيراً لكل كذبة يخرج بها لسانك، وقاتلوا بألسنتهم وأظافرهم لأجلك عندما كنت القوي في أعينهم، فانتشوا عندما ينتشي الزعيم، وحازوا من فضلات غنائمه ما أسكرهم، ونسوا ربهم وضمائرهم، وتحولوا إلى أشباه صغار لك، يتكلمون مثلما تتكلم ويمشون مثلما تمشي.
يأتي يوم لا يتذكرون فيه سوى انفسهم، يحاولون ان يسترجعوا أنفسهم قبلك، سيتبرأون منك ومن أعمالك، سيقولون إنهم أجبروا على خدمتك وعبادتك، وإنهم كانوا خناجر في يدك لا حول ولا قوة لها، سيلعنونك أكثر مما مجدوك وستشهد كروشهم على مجدك السابق، في درس تاريخي، درس واضح لنهاية التسلط، وغرور القوة، وأمام عينيك، أيها الزعيم، يبدأ مسلسل الهروب وما ستقول إن قدر لك بقايا إنها خيانات، لكنها الحقيقة التي غيبتها عن بصيرتك بإصرارك على التجبر ونهمك للطغيان، وعشقك للاستحواذ على كل شيء.
كانت أمنياتنا ان تأتي نهاية نظام صدام حسين على يد عراقي حر، يقدم مصلحة العراق وشعبه وجيرانه على رغباته وشهواته، لكن الأمر لله من قبل ومن بعد، الله تعالى يذيقه البأس على يد ديكتاتور جديد، ولم يعد له إلا أن يقبل بنصيحة شبيه له، أن يقاتل وقد وضع الحائط خلفه، لكن هل سيتبقى حائط يستند إليه دكتاتور دارت عليه الدوائر، هل هناك حائط يلجأ إليه من أصيب بجنون العظمة، وهو الحائط العظيم، هل هناك حائط ولو شيد بشحن الكلام الرنان الذي ردده من هام بك لأجل ما بيديك، يذهب الدكتاتور غير مأسوف عليه، بل ملاحقاً بالدعاء عليه واللعنات له، وتبقى حاشية النفاق تبحث عن زعيم جديد ترقص من حوله، وعينها على اليوم الآخير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.