أول دكتاتوريات القرن 21

“دا حلمنا..
طول عمرنا..
كيماوي يخمنا..
يسدحنا.. كلنا.. كلنا”.
هذه رسالة جوالية ساخرة تحت عنوان “الحلم الخليجي”، وهو جزء من “الحلم العربي”، جاءت بفضل تداعيات حرب بوش المستكبر في الأرض.
الرسالة بعثها مواطن من شمال بلادنا الحبيبة، وهي تبين حالة عدم وضوح الرؤية التي نعيشها جميعا، وزادها عتمة، عدم وجود خطط طوارئ مدنية جلية ومعلنة، تجهز الناس لما يتوقع حدوثه.
ليس من العيب ان نتوقع الأسوأ بل انه من الحصافة والحكمة، خصوصا في ظروف مثلما يحيط بنا، بدلاً من ترك الناس نهباً للشائعات.
الخطورة تنبع من عدم الوضوح، فيجتهد كل فرد بما يمليه عليه خياله، قد يكون موجهاً لغرض تدميري لشرخ المجتمع وتهديد الكيان، وآخر قد تكون مرارته أصيبت بالتضخم مما يرى ويسمع ولا يجد جواباَ شافياً. ويقيني “الشخصي” أن لا خوف هناك من كيماوي صدامي يهدد بلادنا، وان أسلحة الدمار الشامل هي تلك التي وفدت مع جنود بوش، وان ما يجب الاستعداد له هو مرحلة الحرب وما بعدها، الأولوية لرص الجبهة الداخلية بما لا يتيح مجالاً لناعق في استغلال الحرب وتداعياتها.
عندما كان نظام صدام يمثل تهديدا حقيقيا لجيرانه كان مرغوبا فيه ولم يحارب، وعندما أصبح لا يمثل تهديداً يذكر انتهت صلاحيته فجاء العم سام بنفسه، وحمل معه مصطلح جديد اسمه الحرب النظيفة!!، كأن هناك حرب نظيفة، هذه النظيفة ميدانها العراق وشعبه المظلوم، شعب بين نارين، بين دكتاتور في الداخل وآخر في الخارج والمبارزة على جسد هذ المستضعف المسكين، ومما يشير إلى بلوغ الوضع العربي أسوأ حالاته، ان بوش وبلير يقومان بهذه الحرب بأقل وعود فيما يخص القضية الفلسطينية، عكس ما كان قبيل حرب تحرير الكويت، بلير قدم أهمية دماء المدنيين الإسرائيليين على غيرهم، هنا الأولوية، لم تعد هذه الدول العربية تشكل رقماً مهماً في السياسة الأمريكية، بل هي في المرحلة المقبلة هدف مقبل، وهنا تعلن أولى دكتاتوريات القرن الواحد والعشرين.
قبيل وأثناء وبعد حرب تحرير الكويت غمرتنا موجة من النقاشات والندوات عن إدارة الأزمات، الوضع الآن يشير إلى ان كل ما قيل وقتها وبعدها كان إعلامياً استهلاكياً بحتاً ولم نستفد منه عملياً.
الأمنية أن يزول صدام ونظامه ومعه بوش وفريقه، لكنها ليست بالأماني، فمن سوء حظ العراق الشهير بالانقلابات انه في الوقت الذي يحتاج إلى انقلاب، لا يجد من ينقلب على هذا الزعيم الذي اختصر الشعب والشجر والحجر والتاريخ الذي يتغنى به في شخصه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.