كانت البنوك الأميركية المنهارة، مثل ميرلنش ومورغان ستانلي وليمان برذرز، من أصنام الرأسمالية المتوحشة الكبيرة، تماماً مثل هبل واللات والعزى في الجاهلية، ولم تكن أصناماً غير ناطقة، بل كانت تقدم الاستشارات وتضع الخطط وتوجه السيولة لمستثمرين أفراد وشركات وهيئات حكومية في مختلف بلاد العالم، من خلال فرق وطواقم عمل يستقبلون بالأحضان، حاصدين أعلى الرسوم والأتعاب.
قيمة الاستشارة تأتي من الخبرة والثقة والأمانة، فإذا كان المستشار خبيراً مع أمانة موضع تساؤل، فلا قيمة له، علمنا الآن بعد الانهيارات الأميركية أن من كان يوجه بعض الناس لم يكن أميناً على وضعه الداخلي، وفاقد الشيء لا يعطيه، وإن كان متحصناً بهالة إعلامية وشهرة تجارية. نجاح ثبت أنه مصطنع.
الخسارة في الاستثمارات واردة، هي جزء من طبيعتها، لكن التستر عليها أمر غير مقبول لا يبعث على الطمانينة ولا يدل على حصافة، إنه يمس أساس الأمانة.
وإذا أراد المعنيون فعل شيء إيجابي لمصلحة الاقتصاد المحلي وكياناته ومشاريعه المستقبلية فلا أقل من إعادة فحص كل تلك الاستشارات التي وضعتها البنوك الاستثمارية المنهارة، والأخرى التي أوصت بها بنوك تكافح حالياً لئلا تقع في الحفرة نفسها، يضاف إلى هذا ثبوت فشل الانصياع وتطبيق مناهج مدرسة وحيدة، مدرسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات التابعة.
هذه المدرسة الآن تعمل لحشد كل المساعدة لإنقاذ السوق الأميركية. لم يكن مستغرباً أن يرفض الرئيس الأميركي اقتراح رئيس الوزراء الإيطالي القاضي بإيقاف جميع بورصات العالم موقتاً، وهو اقتراح حكيم يحصر الضرر في موقعه الأصلي إلى حين تبلور مواجهة حقيقية للأزمة، لكن هذا الإقفال لو تمّ كان سيجعل من الصعوبة على البنوك والمحافظ الاستثمارية الأميركية التي تدير استثمارات خارج أميركا استعادة سيولتها وتوجيهها نحو الداخل الأميركي، بمعنى أن الاقتراح الإيطالي لا يصب في مصلحة السوق الأميركية. بوش هنا يمثل نيرون القرن الواحد والعشرين، خصوصاً أن مبدأه المعلن: «من لم يكن معي فهو ضدي». وعندما أتابع مدى الضرر الذي أصاب الاقتصاد الأميركي وتهاوي شركات ضخمة وأنصت لصراخ مواطنين عاديين ضربت الأزمة استقرارهم في أميركا وبريطانيا، يأتي من الذاكرة القريبة أصوات بكاء أطفال العراق وأفغانستان وأمهاتهم الثكالى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
الأخ أبو أحمد. موضوع جميل وتشبيه بليغ بين أطفال العراق وأفغنستان وبين من تضرر من الأمريكان المنهارين نسأل الله أن يجعل ما حصل عبرة لمن يريد العبرة من الأدلة والبراهين وهذه نهاية الظلم والجور من بوش أمريكيا ونهيار الا قتصاد …. نسأل الله أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا من شر الأشرار والحساد وأن يحفظ ديننا الذي هو عصمتنا ..
الحمد لله ان جعك ممن يحمل هم اخوانه بل وبلده المستضعف فبارك الله فيك وسدد على الحق خطاك اخي ارجوالاتغفل سوق الافلاس من مقال بين الحين والاخر ولك الشكر الجزيل
اخي الكريم وكاتب الغني والفقير لماذا نتاجاهل ان الله سبحانه وتعالى خسف بهم الم نكن ندعو على من اراد المسلمين بشر ان يشغله في نفسه وهي الان مشغوله في نفسها .
النقطه الاخرى ربعنا لو يفكونهم من التبعيه الاقتصاديه ويشوفون الخير فهديره والله انها بركه بس يبيلهم شوي اخلاص في العمل ومتابعة غير المخلصين عندنا عقول ونظام اسلامي يدورونه الحين في كل مكان واضمن واامن…….
وتحياتي لك
السلام عليكم
أبو أحـمــد أســعــد الله مـسـاؤك بكل خـيـر
شــر الـبـلـيــة مـا يـضــحــك بنك ليمات برذر
هو مستشار صفقة سابك مع جنرال إلكترك للبلاستك
يمكن أن تـتـأكد من ذالك بألإطلاع على الرابـط التالي
http://www.lehman.com/ibd/index.htm
الفقرة الآتـيــه :ــ
General Electric Co.: Financial advisor on $11.6 billion sale of GE Plastics to Saudi Basic Industries Corp.
كم يا تـرى أخــذ عليها عأمأولــه وهل شـاركهم أحـد فيـهـا ؟؟!!!!
لك من أخـيــك أجمل الـتـحـيـة .
والسلام