عرب.. دوت.. غم

الكل يخطب ود الرأي العام الغربي، الساسة في الغرب يقاتلون لأجل التأثير أو منع التأثر عليه، و على الجانب العربي، حتى صدام نفسه يراهن ويعمل جاهداً على كسب هذا الرأي العام، ولا يهم الثمن، نوعه وحجمه، الغاية تبرر الوسيلة.
لماذا أصبح للرأي العام الغربي كل هذه القيمة ، من صنعها؟. العرب استوردوا من الغرب كل شيء تقريبا، لكنهم صبغوا أهم الأشياء بالألوان التي لا يجيدون غيرها، أخذوا البرلمانات فتحولت إلى مسارح لترداد الأهازيج في تمجيد روح القائد، صارت أوركسترا للتصفيق، ولم يخجلوا من أنفسهم وهم يضعون كل الآيات الكريمة التي تحث على أن أمر المؤمنين شوري بينهم في بهو كل برلمان، وبخط كبير مزخرف، والحقيقة أن أمرهم ليس بأيديهم، بل يمسك به بيد حديدية زعيم يجتهدون في التصفيق له، وليس لهم من الأمر شيئا، إلا التصفيق، جلبوا الانتخابات، فكانوا من الرواد الأوائل لنسبة 99% الكاسحة، ولم يتركوا الواحد في المائة الباقي إلا دفعاً لحسد المنافسين، وتفننوا في هذه النسب، كل واحد منهم يرفعها أكثر وتتناسب عكسيا مع قيمة شعبه لديه، استقدموا أشكال المظاهرات وسيروها ضد المنافسين فقط ، وجعلوا منها مادة للإلهاء وفرصة للتذكير بقوتهم للطرفين، قلدوا حرية التعبير في الغرب وصنعوا منها مسخاً بثوه باقتدار ضد كل من يقول لهم هذا لا يجوز، أما الحرية فقد أطلقوها في كل جانب لا يمس طرفاً من أطرافهم، استخدموها كواحدة من تحف و”أنتيكات” البقاء في السلطة، والرد على كل منتقد، أما الرأي العام في بلدانهم فقد جرى التعتيم عليه، فهو في ظلام دامس منذ زمن بعيد، ويرون أنه أعمى، بل هو غير موجود في خارطتهم ، في حين يعتبر في عداد المتوفين عند الغرب، لذلك يتنافسون لكسب الرأي العام الغربي، الحي الوحيد بين الآراء العامة في العالم، والمحرك الذي قد يتأخر تسخين ماكينته، لكنه يستطيع قلب الطاولة، العرب لم يصنعوا رأيا عاما لهم يستندون إليه في الشدائد، وليس أمامهم إلا استجداء الرأي العام الغربي. الشيء الوحيد الذي لم يجلبوه من الغرب، لأنهم لم يستطيعوا إيجاد تقليد له، هو عدم الاستمرار في البقاء على كرسي السلطة، ميزة الولايات المتحدة وبريطانيا، أن من يحكمها الآن ولو جزئياً سيتغير حتماً، هكذا نكتشف أن أم المشاكل المستعصية عند العرب، هي ميزة لدى من يغزونهم اليوم، ولهذا السبب ببساطة يعيش العرب في كل زمن محنة، ويظهرون من بين كل شعوب الأرض الأكثر ذلاً وهواناً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.