إعادة تشكيل

للسيول والأمطار طرق حفرتها وعبدتها منذ أزمنة بعيدة، طرق واسعة بممرات عدة وأخرى فرعية أصغر، وهي، وان غابت عنها عقوداً أو أكثر بفعل شح الامطار فإنها تعود إليها يوماً من الايام، مثل صاحب حق يطالب بحقه.
مياه الامطار لا تقدم طلباً او خطاباً بل تقوم إذا ما اشتد زخمها باستعادة طريقها بنفسها، جارفة كل ما يقف امامها.
كبار السن كانوا يحذرون من الاعتداء على طرق السيول ومجاريها، خبرة نقلوها عمن سبقهم إلى من جاء بعدهم، وكانت ولا تزال «المساييل» أي الأودية والشعاب التي يمر بها السيل، اماكن لها تعامل خاص ومثار خلافات عند اهالي القرى.
هذه الايام تعيش السعودية موسم امطار حافلاً. مشاهد وصور لم نر مثلها إلا في أخبار التلفزيون عن فيضانات في الخارج! جاء الخير ومعه أخطار، بعد سنين من الجفاف والعواصف الترابية وانخفاض منسوب المياة الجوفية، جريان السيول في أودية لم تعرف الماء بهذه الكثافة منذ عقود، أعاد تشكيل خريطة الجغرافيا السكانية، وأجلى الآلاف من المواطنين في مناطق مختلفة بسبب كثافة الأمطار إما لانخفاض تلك المواقع او لوجودها في ممرات طبيعية للمياه. هذا رسم لنا خريطة توزيع سكانية جديدة، بعد ان قضمت السيول هجراً وقرى وأحياء في مدن او استقرت فيها المياه بصورة تصعب معها الحياة فيها.
الواقع الجديد المتشكل الآن يحتاج إلى رصد وتصوير ومسوحات متخصصة، وهو في تقديري مهم للأخذ به والاستفادة منه، خصوصاً أننا في مرحلة نمو سكانية وجهود لتنمية مناطق جديدة لتتمكن الاخيرة من جذب بعض الكثافة السكانية المتركزة في المدن الكبرى.
ربما يهتم أهل التخطيط بالنظر في جدوى بعض التجمعات السكانية الصغيرة، او الحد من تلك التي تنشأ من دون توافر أسباب حقيقية من حيث الموارد للاستقرار ومستقبلها، هل هي مستقرة وآمنة للناس أم لا؟
وهو مهم أيضاً للأمانات والبلديات التي تسمح لمخططات عقارية في المدن – بعد تسويتها وتزيينها للمشترين – بالتمدد بعيداً عن التمحيص في مستقبلها وهل للسيول حق في ملكيتها، مع احتمالات اخطار قد تواجهها، وهو ما يؤدي إلى خسائر كبيرة، ونزوح مع ضغوط على اجهزة خدمية، مثلما هو حاصل الآن في بعض المناطق والمحافظات.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على إعادة تشكيل

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الكاتب القديرعبدالعزيز في مكة المكرمة استمر هطول الامطار بغزارة خمسون دقيقة فقط لكن الحال بعدها كأنها استمرت خمسون يوما والله المستعان،،،

  2. مواطن كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله

    اذكر واحنا صغار جدي يسولف لنا سالفة 2 بينهم نزاع علي أرض وراحو للقاضي بس نسيت اسمة وكل واحد يدعي انها لة فطلع القاضي معهم على الطبيعه يشوف الارض ولما شاف انها على جال وادي حنيفة قال / أنا ماحكم بينكم السيل يحكم بينكم واحتارو وش يقصد وآجل القضية إلى أن جاء المطر وسال الوادي وجرف جزء من الارض اللى عليها النزاع وبعدها قال لهم القاضي السيل حكم بينكم انت لك الارض وانت لك السيل

    المعني انه السيل يعرف طريقة واغلب الناس صارت تبني وتزرع في الاماكن الوطية ومجاري السيل وهذا غلط ويجيب ان الامانات تسوي مسح للااراضي جويا عشان اللي فيها مجري سيل ما تستخدم وكلنا نذكر حي النفل ونفق السويدي اللي هي مجاري سيل وش صار فيها

  3. يوسف الغانم كتب:

    صدقت يأبو احمد كبار السن لهم خبرة ولديهم معرفة بمجاري الاودية ومحايرها …
    اذكر انه عند اختيار مكان لمستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة جاء احد الشيبان وقال للجنة هذا مغرق ومحير شُعبان وتاه ما يصلح مكان مستشفى، لكنهم لم يعيروه اي اهتمام
    وحصل ما حذر منه …ففي عام 1418هـ غرق المكان ومات الاطفال في الحضانة واقيمت السواتر الترابية التي لم تجدي نفعاً ….واليوم اقيمت السواتر نفسها ولازال الخوف قائم والله يستر من القادم 0
    مشكلتنا اننا نخطيء لكننا لا نعالج اخطاءنا فكم سنة مرت على انشاء هذا المستشفى والمشكلة لازالت قائمة ..هل اقامت السواتر الترابية هي الحل وكأننا نقيمها حول مزرعة وليس مكان يحوي آلاف الارواح الذين هربوا من قدر الله الى قدر الله

  4. سليمان الذويخ كتب:

    الجشع ذهب ببركة امرنا
    يخططون الأراضي بأرجلهم
    وينهبون الأرض ومخططات كيفما اتفق
    والبلديات لا حس ولا خبر

    والجاهل عدو نفسه دائما وابدا

التعليقات مغلقة.