لا بد أن يقدر الأشخاص الذين يتصدرون لقضايا عامة… منبهين ومحذرين ما دامت لا تشوبها أغراض أو طموحات شخصية ضيقة، حيث اختلط الأمر، في هذه الجزئية. مثلاً أعجبني بعض الطروحات لأحد الكتّاب المنتظمين إلى حين علمي بأن عدداً لا بأس منها يصب في أهداف شخصية بحتة!
وعندما يتحدث بعض المختصين لوسائل الإعلام في قضية عامة جانب من جوانبها تخصص دقيق، ويصرحون برأيهم فيها لا بد أن يشكروا على شجاعتهم.
رئيس وحدة المسرطنات في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض الدكتور فهد الخضيري، وهو عالم متخصص في مجاله، وصف تسويق أجهزة تنقية وتحلية مياه ثبت أنها غير صالحة بأنه جريمة، لماذا يقول الدكتور فهد ذلك؟ الجواب من حديثه لصحيفة «الرياض»: «التسويق لتلك الأجهزة يعتبر جريمة، وان المياه المحلاة والمستخلصة من تلك الأجهزة داخل المنازل خطرة، وتفتك بالخلايا الدموية، وتحطم جدار المعدة».
ويضيف «في حال استعمال تلك المياه عالية التقطير شديدة النقاوة في غسيل الجلد، فإن ذلك يتسبب في تهتك الأجهزة المناعية الموجودة على الجلد، وبالتالي تدمير مناعة الجلد، ما يجعله عرضة للالتهابات».
أيضاً المهندس السعودي الذي تبرع بتزويد الصحيفة بنتائج فحوصات مخبرية، توضح عدم صلاحية مياه تلك الأجهزة للاستهلاك الآدمي وخطورتها يستحق الإشادة.
نرى هنا أن الصحافة قامت بواجبها، ممثلة في الصحيفة وجهود الزميل علي الرويلي، والعالم قام بواجبه في شخص الدكتور فهد الخضيري، والمواطن ممثلاً في المهندس، أيضاً تطوّع ووفر معلومات ثمينة. إنهم يحاولون تعليق الجرس. بل كأني بهم علّقوه واصدر طنيناً مخيفاً… فهل يُسمع؟
لست هنا أطالب بتكريم هؤلاء الإخوة بشهادات أو دروع، يقيني أنهم لا يهتمون بذلك بقدر اهتمامهم بفعل يأتي من جهة مسؤولة ومعنية، فعل حاسم حازم، يتجاوز الإدارة بالتعاميم الخطابية، وتخويف «جديد» من العولمة في فهم عجيب لمقتضياتها، وكأنه يجوز أن تكون على حساب المصلحة العامة.
نلاحظ في هذا النموذج أن الوعي حاضر بالمشكلة في المجتمع، عبّرت عنه الصحافة، والتحذير مستمر، لكن الوعي بالمسؤولية تجاهها لم يصل ليتحول إلى فعل مفيد.
الحقيقة ان القضية قديمة، لكن بقاء الحال على ما هو عليه اجبر وزير المياه والكهرباء على التحذير. أعلى مسؤول عن المياه قال هذا للصحف… إذاً أين الحلقة المفقودة يا ترى؟ في جانب آخر أعلنت وزارة التجارة أنها صادرت عبوات من مستحضر طبي «لم يذكر استعماله» اسمه «بوهلي» تصنعه شركة «اليامان» في سورية، وحذرت من تسويقه واستخدامه لارتفاع نسبة مادة الزئبق فيه.
حسناً ماذا عن أجهزة مياه الشرب. وغيرها الكثير مما يباع ويعلن عنه كل يوم؟ ثم أيهما أكثر جدوى… الرقابة سابقة أم لاحقة… مع إدارات ومختبرات ومنافذ جمركية. وفّرت لها الدولة كل الإمكانات؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط