«وراك وراك»

على رغم أنه خرج من سوق الأسهم منذ فترة طويلة نسبياً بالعاً خسارته على كبر حجمها حتى أصبحت ترى ظاهرة على بطنه، خروجه الصحي فرضه واقع السوق… خرج قبل أن يبتلعه البنك مع من يعول، تسهيلات لم تكن سوى «تسحيبات» السراب، إلا أن فكرة سيئة جالت بخاطره في ليلة ليلاء مع تهاوي نقاط المؤشر، فأذاقته مرارة الأرق، تخيل صاحبنا أن المؤشر أصبح بالسالب. لا تقل لي إن هذا لن يحدث، فقط تخيل! ألم يحدث وأصبح واقعاً ما لم يمكن تخيّله في يوم من الأيام؟
أصبح المؤشر بالسالب، ولأن دخول سوق الأسهم ليس كالخروج منها، على العكس مما ترمي له دائماً هذه العبارة قبل التحوير، تخيل صاحبنا أن المؤشر أصبح بالسالب، وصار على كل من كانت «أقول كانت» له علاقة بالسوق الحضور ودفع الفرق؟! والحضور لا يستلزم الشخوص، المستثمر مرتبط بأسلاك البنوك بحسابات ورواتب وأقساط، مثل مريض في غرفة الانعاش، أو لنتفاءل قائلين مريضاً يخضع لتخطيط القلب بجهاز عطلان وعينه على قسمات وجه الطبيب.
جالت هذه الفكرة المرعبة برأس صاحبنا فلم يذق طعم النوم، ارتسمت على وجهه ضحكة يائس وهو يتذكر أياماً كان المتداولون فيها يتمنون رؤية شريط الأسعار في وقته وهو المحتكر حصرياً، تماماً مثل المعلومة خاصة لا عامة، الغرامات على الشركات والمستفيد أشخاص؟ تذكر ازدحاماً في غرفة بنوك وعلى أبوابها، وترغيباً «بأكبر» أسواق الشرق الأوسط فقال قولته: «سهم اليوم بقروش بكرة تلقاه على الرصيف»، أما إذا كنت مجازفاً وأخذته بالقروش ربما تتلحفه قريباً على الرصيف، ولم يكسب من هذه الموجة مثل البنوك وصناديقها. اهتم الناس بصناديق استثمار خارجية ولم يلتفت أحد إلى ما يفعل بصناديق استثمار بنكية في أسهم محلية، حيث تلحفت تلك الصناديق «بطانية» شتاء ثقيلة.
والخاطرة الخيالية التي أرقت صاحبنا وقعت بالفعل للكثير ممن لا يعرف عددهم، خصوصاً أولئك الذين تمت تصفيتهم من خلال تصفية محافظهم. لم تنفع جرعات «تخضير» آخر وقت التداول، ولم تؤثر كل الأحاديث عن الأسباب من الرعب والهروب الجماعي… أو تلك التي حضت ورغبت – مع ابتسامات – قائلة إن هناك فرصاً استثمارية ظهرت رؤوسها مع انحسار لحم المؤشر وبيان عظامه، من صدّق تلك المقولات عض «عظام» الندم. أما الخسارة الكبرى المستمرة بالنزيف فهي خسارة الثقة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على «وراك وراك»

  1. سليمان الذويخ كتب:

    ما شافت عيني بحق مثل ربعنا
    تهاووا على الأسهم كما يتهاوى الفراش على النار
    طلبوا الغنى فسمعوا من الهوامير الغناء
    طلبوا الثراء … فلعقوا من الهوامير الثرى
    طلبوا الجاه وكل منهم نصيبه السيء جاه
    طلبوا المال … وعنهم الحظ مال

    يا جماعه عمركم شفتوا ناس تتهافت على اسهم شركات لم تبدأ الإنتاج بعد ؟!
    عمركم شفتوا اناس ترى الهالك كيف يهلك وتسعى الى الهلاك!؟

    جزء كبير جدا جدا 80% يقع على غوغائيتنا
    اما الهوامير فاستندوا على غفلتنا بالدرجة الاولى وغياب الوضوح وضبابية السوق والسكوت من ذهب !

  2. نجم سهيل كتب:

    صح لسانك اخ عبد العزيز , ولاكن السؤال إلى متى هذا السكوت المبهم من هيئتنا الموقرة وهي ترى ماحل بالمواطنين من نكبات خلال ثلاث سنوات متتالية ,وهم لايرون بصيص من الامل لمحو اثار تلك الازمة المدقعة التى عصفت بمدخراتهم ونفسياتهم وامالهم وطموحاتهم ,
    استبشر الناس خيرا بقدوم الفارس المغوار لعل وعسى, وطلع لهم الفارس الخفي في اخر الدقائق ليضحك على عقول البشر ولتستمر المهازل , نرجو منكم اصحاب القلم والراي التركيز على هموم المواطن البسيط ومتطلباتة وحقوقة وانتم خير من يقوم بهذة المهمة ,
    لك الشكر ودمتم بود

التعليقات مغلقة.