ضائعون بحاجة لمن يرشدهم

وسط ركام الفوضى في العراق، هناك ضائعون من فئة أخرى، لا أحد يسأل عنهم، جاءوا بإرادتهم، بعد أن سُيرت وتم الاستيلاء عليها، للتطوع والحرب ضد القوات الغازية.
تناسوا أنهم في صف صدام بتاريخه الدموي، وبأعماله التي جرّت الويلات على الأمة، وأقنعوا بسلوك هذا الطريق، دفعتهم غيرة دينية أو حتى قومية إلى المغامرة بل المقامرة، وزين لهم ذلك من قبل أكثر من طرف من طه ياسين والصحاف، ولا ينتهي الأمر ببعض من تأخذهم شهوة التوجيه والشحن المعنوي من دون معرفة أو اهتمام كبير بالعواقب، بل من دون دراية بمدى التأثير الذي يحدثه ما تجود به قريحتهم، ذهب كثير من هؤلاء المتطوعين طعاماً لطائرات الأباتشي والدبابات الأمريكية، تدرب عليهم المجندون بالأسلحة الفتاكة، ومن بقي منهم يلاحَق الآن من طرفين، وهل يلام العراقي الآن إذا ما لاحقهم وهو يشك انهم على علاقة بفلول النظام البائد.
من المهم في هذه الساعة أن يتم احتواء هؤلاء وتسهيل عودتهم إلى بلدانهم، كل بلدانهم العربية مسؤولة عنهم، من الضروري الرفق بهم وإعادة تأهيلهم ليتجانسوا مع نسيج مجتمعاتهم، لقد قرأنا كثيراً من أحزان بعض منهم ودهشتهم مما وجدوا أمامهم، لقد غُرر بهم، وحتى لا تنشأ بؤر جديدة، تستغل من أمثال بن لادن، يجب الرفق بهؤلاء وتشجيعهم على العودة إلى أوطانهم، بل انهم سيستخلصون العبر مما حدث لهم، ولابد انهم عرفوا الآن ومن خلال الميدان انهم قد أوردوا أرواحهم المهالك، وفرطوا بأنفسهم، ولابد انهم استوعبوا أن الجهاد ممكن ليس عن طريق السلاح في حرب غير متكافئة، بل عن طريق العلم والإنتاج والبناء، عن طريق الإضافة وبناء النموذج الحي، لابد انهم صاروا حذرين من كل دعوة غير مسؤولة وغير معنية بمصيرهم.. تدفعهم لأن يكونوا أهدافاً حية لتجارب الأسلحة الحديثة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.