آخر نكت الجوال، واحدة عن الجنرال المتقاعد جارنر وعلى لسانه بعد سنتين من استيلائه على السلطة في العراق يقول، “هاذي الكويت إلنا يابه”!، الصديق الذي أرسلها لي قال أن مصدرها الكويت، ولا عجب.
فهذه المطالبة التي استند إليها صدام لغزو الكويت، هي هاجس أمنى لكل كويتي وخليجي، لكن العجب يأتي من الهجمة الإعلامية على كل المستويات في الكويت ضد عمرو موسى، كأن المهاجمين يريدون تحويله إلى كبش فداء، من قبيل “قابل الصراخ بالصراخ” بحثا عن السلامة.
وحتى لا نسقط في فخ إن لم تكن معي فأنت ضدي، لابد من التذكير أن إسقاط نظام صدام هو حلم عراقي أولا وكويتي خليجي إيراني ..الخ ثانيا، لكنه ليس سوى محطة في سلسلة الأهداف الأمريكية بعيدة المدى، ولا يمكن التنبؤ بأقصاها إلا بتفحص رفض وزير الخارجية الأمريكي الإجابة على أسئلة عن أسلحة إسرائيل النووية.
أعتقد أن عمرو موسى ينظر للقضية بهذا الشكل ومعه الكثير، ولا يمكن تجاوز أن الجامعة العربية تمثل كل العرب، أنظمة على الأقل، لهذا من الممكن للأخوة في الكويت تفهم موقف موسى وهو رجل لا يستحق كل هذا الهجوم، ولا وصفه بأنه مجرد موظف.
عندما غزا صدام حسين الكويت هشم “عرفا” عربيا كان شكلا من أشكال النظام المتعارف عليه، وشيد بذلك مرحلة من منطق الاحتكام للقوة العسكرية، دفع ثمنها لاحقا، والموقف العربي والعالمي معروف وقتها، لذلك لا يجب أن يقع الأخوة في الكويت في الفخ نفسه، بل يجب عليهم تقليل حجم خسائر تحطيم العراق واحتلاله، فهو أهم وأبقى من صناعة أعداء وهميين وتنفيس الاحتقان بهم .
والسؤال للأخوة في الكويت هو، هل إسقاط نظام صدام حسين، وبأي ثمن كان، هو الهدف الإستراتيجي ؟، الإجابة على هذا السؤال لن تأتي في لحظة انفعال عاطفية، سيأتي الجواب بعد وقت طويل من انجلاء الغبار، وعلى أية حال أعتقد أن عمرو موسى من أبرز الساسة العرب، ومن أفضل من مر على الجامعة العربية، ويجب أن يشد من عضده بدل أن يتم تحويله إلى أحد تماثيل صدام حسين المهانة، إن الخسارة هنا مضاعفة فهي ستكون تأسيسا لسنة جديدة غير حميدة.
ومن العجب أن تكون افتتاحية لإحدى الصحف الكويتية، وبقلم رئيس تحريرها، هجوما عنيفا على سوريه ، وفي هذا الظرف، أعلم مثل الكل أنها ليست واحة للديمقراطية،لكن ما هكذا تورد الإبل، لكني أعلم أيضا أن ذلك الهجوم الذي يستهدف بلدا وشعبا عربيا ومسلما، قد يكون دافعه شخصيا وسببه قضية صغيرة يستثمر لأجلها، الزاوية الأمريكية التي تحشر فيها سوريا الآن، غني عن القول إن هذا ليس من الأخلاق في شيء، ولا من الإعلام في شيء، وهو نموذج لبضاعة دكاكين الصحافة التي تسمي ما يسلبه اللص العراقي مسروقات وما ينهبه الجندي الأمريكي …تذكارات !!؟.
إن الواجب هو الترفع والسمو خصوصا في ظروف حرجة نعيشها، والأهم أن لا نستخدم من الأجنبي تحت أي ظرف، وأذكر الأخوة في الكويت أنهم بعد تحرير بلادهم لم يكن إعلامهم يفرق بين النظام العراقي والشعب العراقي!، رغم انهم الأقرب لمعرفة عذابات هذا الشعب المضطهد، احتاجوا وقتا طويلا ليصلوا لمرحلة النضج هذه، وقتها كتبت عن هذه المسألة فهي لم تكن حالة كويتية فقط، بل كانت حالة خليجية، أفتخر أنني رصدتها ونبهت لها منذ بداياتها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط