على رغم استهدافها المباشر وغير المباشر، لا ينكر منصف أن السعودية حملت لواء المصالحة العربية وقد بلغ التشرذم والاستقطاب الإقليمي والدولي لأنظمة عربية ذروته. وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخلافات خلف ظهره وأنجز وضعاً عربياً جديداً في القمة العربية في الكويت. لم يكتف بهذه الخطوة الكبيرة، وكان من الممكن الاكتفاء لأن الجانب الآخر عليه واجبات ومن المفترض أن تعلو المصلحة العربية الجامعة على الخلافات. بل واصل خطوات تأكيد المصالحة والتضامن بالمبعوثين والدعوات، ليتوّج العمل بالقمة العربية المصغرة في الرياض.
عند التأمل بحكمة… حامل لواء المصالحة لم يكن ينظر إلى ما سيتردد عن تراجع طرف وخسارة آخر، مثلما لا تعنيه جولة إعلامية استعراضية يتم فيها استقطاب الشارع العربي ليتبخر أثرها بعد أسابيع. همّ حمل لواء المصالحة يعني الشعور بالمسؤولية تجاه أمة تنهش أطرافها ويحتل قلبها ويتربّص بها أكثر من طامع.
لهذا لم يكن مستغرباً أن يحتل الهمّ والشأن العربي والإسلامي الجانب الأكبر من كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى يوم الثلثاء الماضي. تعوّد السعوديون أن يركّز خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمام المجلس في كل دورة أعمال جديدة على الشأن الداخلي، ما تم تنفيذه وما يعمل على إنجازه، وهو ما حفلت به خطابات سابقة مشهودة تحولت لاحقاً إلى جدول عمل للحكومة، لكن الهم العربي وأوضاعه المؤسفة صار هماً سعودياً داخلياً مقلقاً بامتياز… عملت وتعمل على إصلاحه مع كل حملات التشكيك، وفي هذا شعور بالمسؤولية تجاه الأمة، ما ينتظر معه أن تتلقفه أوساط عربية أخرى بأناة وحكمة.
وعندما يقول الملك إن التحديات التي تواجه الأمة تفرض على الجميع «يقظة لا غفلة معها وصلابة لا تقبل الضعف» فهي رسالة للجميع أيضاً.
حجر الزاوية في هشاشة الوضع العربي وعلامات ضعفه ماثل الآن في خلافات الساسة الفلسطينيين، الذين يستقبلون ليجتمعوا فلا يتفقون إلا على مزيد من الاجتماعات، وما أكثر المبادرات التي أطلقت لجمع شملهم من دون نتيجة تذكر… كأن الزمن لصالحهم لا عليهم، وكأن المواطن البسيط في الضفة والقدس وغزة ليس من أولوياتهم، وكما أنهم مسؤولون عن أوضاع شعبهم والضياع التدريجي لقضيته… العربية الإسلامية، فإن عليهم مسؤولية كبيرة في استمرار تشرذم الوضع العربي… وحتى لو كانت الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية ليست سوى نتائج وأعراض لخلافات عربية إقليمية تبقى المسؤولية الأكبر على عاتقهم… هم بتشرذمهم وخلافاتهم الراهنة يقدمون صورة حية للأمة التي تحارب نفسها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
استاذي الحبيب جهود خادم الحرمين يحفظه الله في رأب الصدع والفرقة الحاصلة والانقسامات هي لصالح المملكة في المقام الاول وذلك بسبب مكانتها الدينية وقدسية الحرمين الشريفين وندعو الله عز وجل ان يثيب جهوده بالخير والصحة .
حياك الله.أبو أحمد
يقول الكاتب / يحفظه الله ..
يركّز خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمام المجلس في كل دورة أعمال جديدة على الشأن الداخلي، ما تم تنفيذه وما يعمل على إنجازه، وهو ما حفلت به خطابات سابقة مشهودة تحولت لاحقاً إلى جدول عمل للحكومة، لكن الهم العربي وأوضاعه المؤسفة صار هماً سعودياً داخلياً مقلقاً بامتياز… عملت وتعمل على إصلاحه مع كل حملات التشكيك، وفي هذا شعور بالمسؤولية تجاه الأمة، ما ينتظر معه أن تتلقفه أوساط عربية أخرى بأناة وحكمة.
( حفظ الله )ملك الإنسانية..الملك /عبدالله بن عبدالعزيزأل سعود،،
وندعو له دائمآ أن الله عزوجل )يوفقه لما فيه الخير والصلاح والسلام الدائم.للأمة العربية والأسلامية…
سلمت يمناك.أستاذي الغالي.ودمتم لمحبينك :