بين “كير” وابن لادن

“كير” هو مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، وهو منظمة مسلمة امريكية معنية بالدفاع عن حقوق وحريات المسلمين في امريكا وعن صورة الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الامريكية، كل متابع يلاحظ زيادة نشاطها وحضورها على الساحة الامريكية الداخلية، هذا الحضور ليس إعلامياً فقط بل اصبح لها تأثير على الساسة هناك وعلى القرارات التي تستهدف مسلمين، ونجحت الى درجة ملحوظة في الحد منها، تصور عمل مثل هذه المنظمة ومثيلاتها كيف اصبح صعباً بعد احداث 11سبتمبر، وكيف يزداد صعوبة كل يوم مع ربط الاسلام بالارهاب، بمباركة بعض المنتسبين للاسلام ومعهم وفي صفهم وياللعجب أعداؤه.
“كير” هنا هي نموذج لإمكانية العمل في الساحة الكبيرة المتاحة للنشاط السياسي في الولايات المتحدة الامريكية، تصور معي، بارك الله فيك، لو ان اختيار اسامة بن لادن كان في هذا الاتجاه، خرج من الحرب ضد الروس في افغانستان وهو على علاقة معروفة وقوية بالاستخبارات وعلى رأسها الاستخبارات الأمريكية، ولديه رأس المال الضخم، وعلاقات كبيرة متشعبة، تصور لو انه استثمر هذه العلاقات “الرفيعة المستوى” ليؤسس هناك في واشنطن ونيويورك وغيرهما و”يغزوها” بمنظمات مثل كير، وقنوات تلفزيونية مثل فوكس، بدلاً من استجداء الجزيرة لبث شريط!، بربكم هل يمكن مقارنة النتائج، على الإسلام والمسلمين، أين كنا وأين اصبحنا.
عمل مثل عمل “كير” هو صورة حقيقية من صور الجهاد، لا يستطيع الخصم ان يمسه بسوء، لكن لماذا لم يؤسس تنظيم القاعدة على هذا الاساس، وفيه متعلمون ومهندسون وبعض من يدعي العلم الشرعي، هل لأن هذا الخيار صعب، ام انه لا يحقق جماهيرية ويحشد المؤيدين، ربما انه لا يثمر سلطة على رقعة ارض، لست ادري، فهل أحد منكم يدري!؟.
لقد فتحت حكومات الغرب ابوابها للإسلام، في زمن مضى، وسمح للنشاط الدعوي الاسلامي بالعمل بشكل كبير، فانشئت الكثير من المراكز الاسلامية، في فترة من الفترات كانت بعض هذه المراكز ميداناً للصراع السياسي او المذهبي وحتى الشخصي في احيان يتذكرها المتابعون، لنعترف كان هناك فرصة كبيرة لنقدم “القدوة الحسنة”، لكننا لم نقدمها، بل فشلنا في تقديمها.
هل قمنا بدراسة الأسباب وطرحنا الاسئلة ام اكتفينا بالوهج الإعلامي اللحظي فقط.
الجامعة العربية في عهد عمرو موسى كان لديها مشروع لتنظيم وتنسيق عمل الافراد والمؤسسات والمنظمات الإسلامية والعربية في الولايات المتحدة والغرب لتكون اكثر فاعلية، لكن الاحداث المتسارعة أجهضت او هي عطلت هذا المشروع المهم والرائد.
نشاط وعمل مثل جهد “كير” ومثيلاتها، هو لغة العصر، ونموذج للتسامح، وهو مانحتاجه وما يحتاج منا الى الوقوف بجانبه، وقوف الفطن الذي يعرف ما يريد.. فلا يغرر به، هنا جهاد كبير أين منه اسامة بن لادن ومن يتعاطف معه ولعل الذين تدغدغ عواطفهم خطاباته ان يفكروا في ذلك.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.