بيع السمك في الماء

إذا كنت تبحلق في تاريخ الصلاحية عند شراء أي منتج غذائي، لتتأكد بنفسك من صلاحيته، لأنك تعلم من التجربة، أن لا أحد سيتأكد فقد أوكلتك الجهات المعنية إلى نفسك، وتفعل ذلك وأنت تعلم رحمنا الله تعالى وإياك أن تاريخ الصلاحية سهل تزويره وأنه يطبع أو يلصق متى ما أراد المنتج، ولكن من باب الاطمئنان وإرضاء النفس التي لا تشبع.. تستمر بذاك الفعل وتحاول جاهداً تطوير قدراتك الذاتية عن طريق استخدام حواسك، أو ما تبقى منها، لأنك سجلت مختبراً متنقلاً لدى الجهات المعنية، ولقد تعودت الآن على ذلك بعد كل تلك التجارب وكثرة الجحور التي لدغت منها، وإذا حدث واكتشفت متأخراً عدم صلاحية السلعة فإنك ستقوم برميها فهو أقل كلفة من أي محاولة للحصول على حقك.

أما إذا أردت اقتناء جهاز من أي نوع فإنك لن تصدق ابتسامة البائع البلاستيكية مهما كانت عريضة ولو وصلت إلى أذنه الوسطى، ولن تعطي شهادات الضمان التفاته كما لن تغريك الاعلانات ولكنك ستعتمد على تجارب أصدقائك ومن حولك فتقوم بجولة عليهم تسألهم عن ذاك الجهاز ومدى جودته، وعلى هذا الأساس تقدم على الشراء أو تحجم، وإذا لم تنجح في الاختيار، سترمي الجهاز بدل أن تتهم بسوء الاستخدام، وغير بعيد عن هذه الصورة تعاملك مع عمال الصيانة على مختلف مجالات عملهم وثقتك بخبراتهم، ليس في ذلك أمر جديد، لكن ماذا تعمل في تلك البطاقات التي تباع من خلالها الخدمات مثل بطاقات الاتصال والإنترنت وأشباهها، من يفحصها لك؟، من الذي يؤكد ويضمن أنك ستحصل على خدمة معقولة مقابل ما دفعته من مال، وأن ما كتب عليها سيتم الالتزام به، هل تضع البطاقة على ساعتك لتخبرك كم ساعة موجودة في داخلها!؟
لقد تكاثرت الشكاوى من عدم دقة تلك البطاقات والمفقود الكبير من الأموال المدفوعة، تقول لك بطاقة اتصال ما أنه تبقى في حوزتها مبلغ واضح ومع ذلك تتوقف عن العمل.
وكنا في السابق نطالب بتحسين خدمات ما بعد البيع فأصبحت هذه الخدمة التي كانت أصلاً سيئة هي في حد ذاتها معروضة للبيع، أنت تشتري في الحقيقة رقماً من أرقام البائع، تدفع لهم مسبقاً وهم يتحكمون بالصلاحية، لم تعد هناك حاجة لطبع أو لصق فالصلاحية في أيديهم والمال أيضاً، فماذا ستفعل؟.
أرجو أن لا يقترح أحد منكم التوجه إلى حماية المستهلك، أو المطالبة بإحيائها أقصد إحياء المطالبة بإنشائها، فهناك رغبة عجيبة بقتلها ودفنها من دون شاهد قبر ومن دون نعي رسمي، المطلوب أن تنسى إلى متى؟ الله أعلم، فهي فيروس يتخوف من الإصابة به.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.