“أم 44”

تكاثرت إعلانات بيع لوحات السيارات، طالع جريدة “الرياض” لترى العجب، والسبب أو المنشط لهذا “القطاع الاقتصادي..المتحرك”!، هو مزاد المرور، وإذا أردت أن تتعجب أكثر فاعلم أن بيع اللوحات أصلا ممنوع!؟، وكأني بالبعض منا كل صباح ينظر إلى لوحة سيارته، ويفكر “كم تسوى”؟، ويتجول بسيارته ليعرضها قائلا
: من يسوم!؟، وإذا ألقى عليه التحية أحدهم تبادر إلى ذهنه أنه يرغب في الشراء.
الأسبوع الماضي دفعني الفضول الصحفي والاقتصادي ومعهما الاجتماعي إلى حضور مزاد اللوحات، كنت أريد المشاهدة والاطلاع، لم يكن الحضور كبيرا في العدد، ولفت انتباهي طريقة المزاد المتطورة، هي على العكس تماما مما نعرفه في حراج السيارات، فقد كانت فعلا على مستوى اللوحات!، هناك صالة مكيفة وكمبيوتر وشاشات عرض وميكروفون واحد فقط، والأجمل أن من يستخدمه، أي الدلال، لا يصرخ لعلمه أنه مكبر للصوت وأن الحضور ليسوا من .. “الصقهان”!، ليت المرور يعمم التجربة على ميادين بيع السيارات ليخفف من التلوث الصوتي.
أعلى سعر بلغته إحدى ا للوحات هو مئتان وعشرة الاف ريال فقط لا غير، أحد أصدقائي قال أنها “تجيب خمس سيارات”، كان مندوب المالية منتظرا ومتحفزا، وللعلم فإن المبالغ تذهب إلى المالية، ولأن المرور هو الأحق بهذه المبالغ ، وهو إدارة تابعة لوزارة الداخلية، ولأن الأخيرة مسؤولة عن الأمن بمعناه الواسع، ومن ضمنه الأمن الاجتماعي، ولكون بيع لوحات بمثل هذه الأسعار يجرح إحساس الفقراء، والشباب الذين قد لا يجدون سيارة أصلا فضلا عن لوحة مميزة، لهذه الأسباب، أقترح أن تحال هذه المبالغ إلى صندوق الفقر، إن في هذا رسالة جميلة للمجتمع، فهي نقود تزيد عن حاجة الأغنياء فَلِمَ لا تذهب إلى الفقراء، خصوصا وأننا تعودنا أن ما يدخل للمالية صعب خروجه لأن البند لا يسمح، فهو، أي البند، لا يسمع ولا يتكلم وليس له عيون، وأعتقد أن خصوصية الحالة تتيح تجاوز كل الأنظمة التي تعيق مثل هذا الاقتراح، الذي لابد أن يصدر بجهد معلن من وزارة الداخلية، أعلم أن المبالغ قليلة إذا ما أخذنا في الاعتبار حاجة الفقر وصندوقه، لكن هناك أثر معنوي كبير، أثر لمثل هذا الإجراء يقول أننا نهتم بكم، وهو يخفف من المرارة التي يشعر بها بعض منا وهو يسمع عن بيع لوحات سيارات بمبلغ كبير وهو لا يملك سوى النزر اليسير.
أما اللوحة “أم 44″، فهي غير مستخدمة حاليا، وقد لا يضطر المرور لحرفين ورقمين، ولهذا السبب اخترتها عنوانا للمقال، فهي لو كانت موجودة ستجد من يسارع لشرائها ليقدمها هدية لأحد ما في باله ليسمي الأشياء بأسمائها!، وقد يدفع المهدى إليه مبلغا أكبر، المهم أن لا توضع لوحة على السيارة!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.