المواطن وتجاوزات السلطة العامة

“ولا يفوتني أن أنوه بأهمية الأنظمة المتعلقة بالتقاضي والإجراءات الجنائية وهي أنظمة درسها مجلسكم الموقر بعمق وصدرت بحمد الله وتوفيقه مستهدفة تسهيل إجراءات التقاضي وإيصال العدالة إلى المواطنين وحمايتهم من تجاوزات السلطة العامة، وفي السياق نفسه صدرت الموافقة بقيام جمعية أهلية تعنى بحقوق الإنسان”.
تذكرت هذا المقتطف من الخطاب، التاريخي، لخادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – أمام مجلس الشورى، عندما اطلعت على خبر نشرته جريدة “الوطن”، يقول الخبر إن الزميل الأستاذ محمد الدويش الكاتب الرياضي المعروف، رفع قضية على وزارة الإعلام بسبب إيقافه عن الكتابة، لمدة ستة أشهر، ويطالب الزميل بتعويض مقداره مليون ريال، القضية رفعت أمام ديوان المظالم، والجديد في الأمر أنها سجلت في الديوان.
أعتقد أنها سابقة قانونية، وهي بعلمي المحدود أول قضية من نوعها، وهذا من جملة أمور مهمة في قضية من هذا النوع إن لم يكن أهمها، ويعتمد الزميل محمد الدويش على حيثيات قانونية وملابسات تتناول صدور القرار وطريقة تنفيذه يطول شرحها، وهو رجل قانون يعرف ما يفعل، وأرى فيها قضية الكاتب والإنسان.
ليس سراً أن هناك تجاوزات ومظالم تمس المواطن وتتحملها السلطة العامة، في كثير من مناحي الحياة، وإذا تذكرنا أن من يطبق أنظمة السلطات العامة، هم بشر في النهاية، وإذا علمنا أننا تعودنا على عدم المراجعة عند تطبيق الأنظمة والقوانين، لعدم معرفة المواطن بحقوقه، ولطول الإجراءات وتكاليفها المادية والمعنوية، وتدخل العلاقات في مثل هذه الأمور أو الحذر والخوف مما هو أكبر من حالة الظلم الواقعة، نعي أهمية الإشارة للحد عن مثل تلك التجاوزات في خطاب الملك – أيده الله تعالى -.
وبعيداً عن ما سيقرره ديوان المظالم في هذه القضية، فهي سابقة فريدة يمكن التأسيس عليها مستقبلاً، والتفت هنا لإيقاف الكاتب، أي كاتب، فهو أمر يتم لدينا بسهولة ويسر لا تتجاوز مكالمة هاتفية، من دون مراعاة لحقوق، ويتم نسيان أن غالبية الكتاب يتصدون لطرح قضايا تهم وتمس الجميع، من دون هدف شخصي اللهم إلا الصالح العام، وقد يخسرون الكثير بسبب طروحاتهم، إما في علاقاتهم أو نواحي حياتهم، لكن يبقى لهم شرف المبادرة في تقديم العام على الخاص، أعلم أن هناك “أرزقية”، يتسولون بأقلامهم وإمكانية النشر في صحفهم لكنهم وبحمد الله قلة، وغير مؤثرين وصاروا مع تزايد الوعي والمعرفة يسيئون لمن يلمعونه، ولست هنا أطالب بخصوصية تعامل مع الكاتب، بل بالعدل معه واحترامه، وكذلك احترام تصدره لطرح قضايا تهم المجتمع، بل وقبوله أن يستخدم مثل سترة واقية من اللوم لفئات كثيرة من المتظلمين، قبوله يتم لسبب وحيد فقط أنه يؤمن بحقهم، وأجره على الكريم العزيز.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.