هناك حراك ملموس في وزارة العدل السعودية، بدأ منذ تولي الوزير الجديد الدكتور محمد العيسى، فيه محاولة للتطوير والتحديث وآمال بفك الاختناقات وأيضاً تنظيف الشوائب، هذا ما يُتوقع، لعلنا نلمس النتائج في أروقة المحاكم وكتابات العدل، لكن هذا الحراك لا ينسجم مع قضية معلقة – نموذجية – أثارت دهشة كل من اطلع عليها، بعيداً عن خطط الوزارة المستقبلية، إنها قضية الموظف ناصر العلياني الذي رفض رشوة بمليوني ريال لتغيير محتوى صك ارض بصورة مغايرة للأصل تماماً، ولم يكافأ على موقفه الأمين ولو معنوياً، بل تم التعامل معه ببيروقراطية مثيرة للاستغراب. في البداية تحولت وزارة العدل إلى جهاز محايد، لأنه بحسب قولها لم يرفع القضية لها، هذا الحياد تحول إلى خصومة.
قبل أيام نشرت «الرياض» رداً من وزارة العدل أكدت فيه على موقفها «القانوني»، وطرحت تساؤلات تذكر أن الموظف احتفظ بالأوراق مدة شهرين قبل بلاغه! وتستفهم عن سبب عدم رفع القضية لمرجعه «المحكمة التي يعمل بها»، وكأن لسان حالها يقول: «لم ترفع لنا إذاً هي ليست من مسؤولياتنا».
سألت المواطن صاحب القضية عن قصة الشهرين فأنكرها تماماً، وقال ان الفترة الزمنية بين تسلمه للصك ومبادرته بالبلاغ هي ستة أو سبعة أيام لا غير، وهي مدة وجيزة جداً يعرفها كل من واجهته قضية مماثلة وحار ودار.
أما لماذا لم يتوجه بالبلاغ إلى مرجعه فهو سؤال وجيه ينبغي البحث فيه، وهو يثير أسئلة أكثر يفترض أن تهم وزارة العدل نفسها وصورتها.
والمتابع يتذكر وزراء في جهات أخرى، بادروا بمكافأة موظفين رفضوا رشاوى. تم هذا وسط فلاشات ومؤتمرات صحافية، فلماذا تشذ وزارة العدل. وهي المعنية بالعدل عن هذا التوجه، ويتحول موظف رفض الرشوة إلى خصم يذهب إلى ديوان المظالم، بل إن الذاكرة لا تحتفظ بما يشير إلى أن الوزارة في تاريخها كشفت وأعلنت يوماً عن قضية رشوة!
بعيداً عن مواد النظام و»القانون»، ما الذي بقي وترسخ؟ لا ينطبع في الأذهان سوى الصورة المعروفة شعبياً، «امش جنب الساس»، و «لا تحرك تبلش»، ومعها «الصمت من ذهب»، لكن هذا الأخير هل يجوز حتى عند قول ما يراه الإنسان حقاً وخطراً… عند إنكار منكر؟ وهل ينسجم مع رؤية قيادة البلاد في مكافحة الفساد والشرع قبلها وبعدها، في ردها لجأت الوزارة إلى مادة في النظام ونسيت روحه، خرجت وكأن الواقعة لم تحدث في جهازها، مثلما لم تهتم باحتضان قدوة في رفض الفساد والتدليس، بل خاصمتها، هل هي البيروقراطية؟ لست أدري، ما أعلمه انه موقف لا يمكن تفسيره من جهاز آخر، فكيف من وزارة العدل؟ الوزير قادر على تغيير جذري فهل يفعل؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
السلام عليكم يبو احمد …
انت شفت وقريت القضيه يبو احمد .. وبنفس الوقت تسائلت ؟؟ .. وش اللي يدور في دهاليز وزارة العدل !! … المشكله يبو احمد ان النظام كنظام حبر علي ورق ..! .. لكن وش القصه بالظبط .. الله اعلم ..! وهذا الشي تلقاه في اكثر الوزارات والمصالح الحكوميه ..!
حتى الاعلام نفسه منقلب فوق حدر .. من يقدر يقول الحقيقه واللي صار بالظبط ..!
باختصار حنا نعيش تناقض مابين اعلام يبي يوصل الحقيقه للقاريء .. ومابين ثقافه تقول “استروا علي الرجال” ولا قولة “ترى الستر زين” .. ومابين هذا وذاك تنموا الطفيليات اللي تبي تنهب مقدرات الوطن ..!
تحياتي لك ,,,,,
استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
انا (اعـوذ بالله من كلمة انا) اتوقع ان يتم نقل الموظف تأديبيا ان يتم
تنزيل صنفه والتحقيق معه بتهمة تخطي المراجع والتحدث للاعلام وتجاوز الصلاحيات وماهي علاقتك بالكاتب عبدالعزيز السويد وتعرف من في جريدة الرياض حتى يصاب بالاحباط والاكتئاب ومن ثم يتم احالته للتقاعد للعجز الصحي هذا هو السيناريو المتوقع
واذا حصل خلاف ذلك نثق حينها ان مفاهيمنا واعتقاداتنا وطريقة تفكيرنا فيها الكثير من الخلل .
سلمت يابو احمد وبيض الله وجهك شكرا استاذي .
شكر لك