«الضحك على النفوس»

إذا كان تصدير المياه أمراً عادياً، فما هو السبب يا ترى في استقصاد مزارعي القمح وشركات الألبان؟ هل هو موقف من السنابل الذهبية وحظ العصافير من حبها أو تمييز ضد الأبقار المستوردة؟ ربما هو حسد وغيرة. تصدير المياه لا يتم بالتهريب بل عن طريق منافذ جمركية، لست أرى إجابة لذلك سوى أننا نضحك على أنفسنا أو أن بعضنا يضحك على البعض الآخر.
زراعة القمح تقدّم شيئاً للبلاد والأمن الغذائي… مهما اختلف في أمرها، فهي، في النتيجة، تقدّم شيئاً، ومنتجات شركات الألبان تقوم بمثل ذلك، فلماذا جرى التركيز عليهما، وعلى «مساكين» يمتلكون مزارع شاسعة شُهّر باستهلاكها الضخم للمياه، فيما ترك تصدير المياه الصالحة للشرب وصمت عنه! التفسير الوحيد المتوافر أمامي هو نظرية «الجزر المعزولة»، وغياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة، إنه العمل بخطوط متوازية «واحد رايح والثاني جاي»، لا تجمعهما أي محطة استراحة أو حتى «دوار» ولو على الطريقة السعودية، الأفضلية فيه لصاحب الشاحنة!
لذلك لا يمكن استيعاب محاولات «حلب» السحب، بالاستمطار إلا أنه فعالية احتفالية غرضها الترويح عن الناس، كان ينقصها دخان بالألوان لمزيد من البهجة، وهو ما ينطبق على إنشاء كراسي بحث للمياه في الجامعات وجوائز للأعمال المرشدة والمجددة لهذا السائل الحيوي.
الصحراء تصدر المياه… شعار جميل ومؤثر، يمكن أن تصدر فيه كتب ومجلدات تفاخر لبيع العطش على العطْشَى ويجد فيها «المعشت» مادة خصبة «للقلوط».
هل نستحق ما تبقى لنا من مياه تحت الرمال؟ نشكو من ندرتها ونطالب بتغيير «الحنفيات» والترشيد لدرجة يتوقع معها المرء تقنين الاستحمام في حين نصدرها للخارج؟
لك أن ترى ماذا فعل ويفعل من يستحق الماء والمطر، من يقدره مع توافر مصادر متجددة لديه، تنهمر عليه السماء معظم أوقات السنة، ولا تخطئ العين في فضائه السحاب.
(طورت جامعة «ليدز» البريطانية غسالة ملابس صديقة للبيئة تستهلك كوباً واحداً من المياه أثناء عملية التنظيف ويتوقع طرحها في الأسواق العام المقبل. وتستهلك النسخة المطورة من الجهاز، أقل من عشرة في المئة مما تستهلك الغسالات التقليدية من مياه، وطاقة أقل عن تلك، تصل إلى 30 في المئة، وتستعيض عن المياه باستخدام الآلاف من الحبيبات البلاستيكية الدقيقة الحجم، التي يمكن إعادة استخدامها مراراً، وتستند تقنيتها على جذب الأوساخ وامتصاصها جراء الرطوبة).
«ستيفن بركينشو» هو مخترع الغسالة التي وصفت بالثورية، «من الثورة لا الثيران»، وهو رجل يستحق التقدير، فمع كثرة ما استخدم المظلة اتقاء للمطر في حياته لا يزال يقدّر قيمة الماء، أما نحن فما زلنا نجلب مزيداً من الماء للمكيف الصحراوي… ونصدر باقياً لا نعرف كم تبقى منه!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «الضحك على النفوس»

  1. الملك فاروق كتب:

    يا اخي السويد
    اللي يصدر ون الماء للخارج يفتخرون
    لأنهم يسمعون بشيء اسمه تصدير
    هذولا يلعبون بمصالح الوطن والمواطن وهم سفها ما لقو من ياخذ على ايديهم ويقضبهم الخط
    وترى العراق والكويت وغيرها ماهم اولى بمياهنا منا

  2. محمدالسليمان كتب:

    ابا احمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لافض فوك.. ولا قصرت يداك.. ولاجف قلمك.. ولاحرمت الاجر من الله..
    ليس غريبا عليك غيرتك وصدقك وليس المقال الاول الذي اتفق معك فيه ويتفق معك فيه كل من له غيرة وحب لهذا البلد المعطاء ولكنها المره الاولى التي صادفت قرائتي للموضوع وانا على جهاز الكمبيوترلاعبر لك عن شعوري ومباركتي لرائيك ولقدهممت باجراء بحث في هذا الموضوع وطلبت احصائية كميات المياه المصدره من جهات الاختصاص ووجدت ان الدم ضائع فلاتجد المعلومه كامله في جهه بعينها واذا اردت التجميع تواجه بااسئله لاحصر لها فمثلا المياه المعبئة غير المياه المكرره غيرالمعدنية غير الاحجام حتى تمل من الوصول لحقيقة الرقم ووصلت الى نتيجة اجزم انك تتفق معي فيها انه بصرف النظرعن الكمية المهم المبدأالسليم وليس الاعوج .. وفقك الله وتقبل تحياتي.

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    والله استاذي الود ودي اقترح انه مادام تم انجاز مشروع الربط الكهربائي بين دول المنطقة ان يتم تصدير الكهرباء ايضا مرة واحدة لانه اعتقد والله اعلم انه فيه كهرباء زايدة عن الحاجة لدينا بدأت تؤثر على عقولنا وعقول بعض المسؤلين وبالمرة ايضا مادام الحكاية تصدير في تصدير المهم نصدر اي شئ نصدر قليل من هذا
    الفكر الاستثماري الباهر الله المستعان يابو احمد الوايت اليوم وصل سعره في مكة المكرمة الى اربعمائة ريال والبلد فيها مليون ونص
    معتمر يمشوا وسط ارتال من الوايتات ولاعندك احد يصدر هذا المشهد… شكر الله ياشيخ الرأي .

التعليقات مغلقة.