تركيا الساحرة

“إذا اقترب منك أحد وصدمك ثم قال عفواً.. في هذه الحالة تأكد من كون محفظة نقودك لا زالت في المكان الذي خبأتها فيه”.
هذا التحذير اللطيف وجهته السفارة الأمريكية في أنقرة إلى رعاياها السائحين في تركيا، ونشرته جريدة “الرياض”، وحذرت أيضاً من عدم الانجراف وراء المشاعر والأحاسيس الإنسانية في ساعات الليل المتأخرة إذ قد يكون وراء ذلك عمل إجرامي!
ولو كنتُ من السفارة السعودية في أنقرة لوجهت للسياح السعوديين التحذير التالي:
“إذا اقترب منك أحدهم وعزمك نعم عزمك، “من عزيمة” أي دعاك وقال “اقلط”، بعد إلقاء التحية بالعربية فلا تستجب لأنه قد يكون وراء ذلك عمل إجرامي”؟
والقصة يرويها سائح سعودي كان يتجول في إحدى المدن التركية وقت الظهيرة وفي شارع مزدحم، باحثاً عن حمام تركي، سأل أحد المارة فدله على واحد، دخله ولم يعجبه وعند خروجه اكتشف ان ذلك الرجل لا زال واقفاً، بل إن الرجل تقدم منه وألقى عليه التحية بالعربية ودعاه إلى فنجان قهوة في المقهى المجاور وبعد تمنع “سعودي” وافق سائحنا الفاضل، جلسا على طاولة وانضمت إليهما فتاتان من غير دعوة، بعد ان انتهى من قهوته قام يريد الخروج فبادره أحد العاملين مطالباً بدفع الفاتورة، التفت السائح مشيراً إلى صاحب الدعوة لكن النادل أصر عليه ان يدفع، استجاب صاحبنا وكأنه يقول لنفسه “يعني كم”، وإذا المبلغ المطلوب غير معقول، ألف وخمسمائة دولار أمريكي، رفض سائحنا الفاضل الدفع فقيل له لابد ان تتفاهم مع المدير، وافق وأخذوه للمدير وصار يتبعهم وينزل درج سرداب يبعث على الخوف، توقف ورفض الاستمرار ثم توجه إلى باب الخروج لكن اثنين من “البودي قارد” حالا بينه وبين ذلك ثم إن أبواب المقهى أقفلت.
صاغراً توجه سائحنا هابطاً إلى السرداب ومعه حرّاس المقهى وفي وسط الزحمة الرجل صاحب الدعوة، وقابل المدير الذي طالبه بالدفع ولم يلتفت إلى أي شيء آخر، ومن حظ سائحنا ان لا نقود معه سوى تكلفة الحمام، فقد ترك كل شيء في الفندق، سأله المدير الا يوجد معك بطاقة ائتمان؟، ثم فتشوه ولم يجدوا سوى ذلك المبلغ الضئيل، ثم فتشو صاحب الدعوة وكأنه لا يعنيهم ولم يجدوا معه شيئاً يذكر، هنا قالوا لصاحبنا إنه سيبقى سجيناً إلى ان يتصرف ويدفع، ولما وجد أنه لابد من الحيلة وافق على الدفع بشرط ان يتم التخفيض الذي وصل بعد جولات من الخصومات إلى ثمانمائة دولار.. أمريكي، واشترط سائحنا الفاضل ان لا يتم التعرض لصاحب الدعوة محاولة منه لتضليلهم، ثم طلب ان يذهب معه من يريد منهم إلى الفندق لإحضار النقود، وبعد ان حذروه وهددوه من أي مراوغة خرج وفي صحبته اثنان من رجالهم، وصل إلى الفندق وقام بتبليغ إدارته فقيل له إنه أسلوب معروف لابتزاز السائحين، اتصل بالمكتب السياحي الذي رتب سفره فقيل له “حظك.. غيرك دفع” قام بتغيير الغرفة ثم الفندق.
ما الذي يمنع سفارتنا في أنقرة وكل سفاراتنا في البلدان التي يرتادها السعوديون للسياحة من إصدار بيانات التحذير، أزعم ان لدى كل سفارة قائمة بحالات النصب التي يتعرض لها المواطنون في كل بلد فلمَ لا تبث قبل كل موسم سفر بياناً؟، لست أعرف السبب لكنه يبدو نفس السبب الذي لم يدفع سائحنا الفاضل لطلب مساعدتهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.