البنوك وموضة الأسلمه

أخر ابتكارات بنوكنا المحلية بطاقة ائتمان إسلامية، مجازة شرعيا، والحملة الإعلانية لتسويق هذه البطاقات على أشدها الآن، “سارع للحصول على البطاقة قبل نفاد الكمية”، يا بلاش!، من الواضح أن هناك اتفاقاً دليله تواكب حملات أكثر من بنك، شكلاً من أشكال التنسيق لاحتكار القلة، قبل البطاقات كانت هناك موضة الصناديق بأنواعها، المعضلة الوحيدة لدى البنوك تتركز في اختيار الاسم، لذلك استنفدت كل الأسماء الجميلة والمعبرة عن الفضيلة، الخير، الأمانة، التقوى، الوفاء ، النماء، بالتأكيد ليس هناك أية إشارة للجشع، أو البخل، ولا للنخلة العوجاء، فضلا عن نكران حقوق العميل، ومحاباة الغني على حساب الفقير، لذلك لا يخطر على بالك وجود صندوق “الجفرة” أو المنشار مثلا، أو بطاقة جهنم وشعارها هل من مزيد
من زاوية البحث عن اسم، وضع البنوك مثل وضع مستثمر شاب يذهب لوزارة التجارة ليختار اسماً لمؤسسته التجارية فيقال له إنه محجوز، وبعد البحث يتذكر جبلاً أو شعيباً، في قريتهم، أو حتى “عياره” لجد من أجداده، ويجدها “أسماء” محجوزة أيضا، فيضطر لاختيار اسم طويل مثل قطار إن وفق، أو يترك هذا الخيار ويبحث عن بسطة خيار، ويبدأ مشواره مع البلدية، في الانترنت يعطونك بدائل للأسماء المحجوزة، هناك خيارات لا تعد ولا تحصى رغم كثرة الزبائن، ورغم أنها مجانية في البريد الإلكتروني مثلا إلا أن جذب الاستثمار الذي نحكي عنه دائما يولد الأفكار، ونقول إننا نريد جذب الاستثمار ونحن نحبط من في الداخل.
من حيث المبدأ أمر جميل أسلمة خدمات البنوك، يشكر للمجتهدين محاولاتهم ونتمنى لهم التوفيق، ما يثير استغرابي هو استغراقنا عقدين من الزمان تقريبا للاعتراف بهذه المسألة، في ذاك الزمن كان هناك زخم لتقديم الاقتصاد الإسلامي كبديل للاقتصاد الرأسمالي، وطرحت أفكار حول البنوك، كانت الفائدة هي الأكثر جذبا للنقاش والاجتهاد، ومحاولات التخريج، هذه الأفكار الوليدة على ما شابها من سلبيات كثيرة ليس هنا مجالها، لم تجد العناية بل قوبلت بالرفض، وشاع وقتها أن تبني مثل هذه الخيارات خطر على الاقتصاد الوطني، هكذا قيل تبريراً للرفض،
حسنا ماذا حدث؟
هاجرت الأفكار والأموال ونشأت بنوك ودور أعلنت إسلاميتها ..هاجرت إلى جزر ودول في مختلف مناطق العالم، ومثل ما نشأ إعلام مرئي ومقروء سعودي في الخارج نشأت بنوك برؤوس أموال سعودية في الخارج، أتفهم أسباب الأولى، لكن البنوك الإسلامية لا أفهم سببا بتاتا البتة لعدم العناية بفكرتها، الآن تتسابق البنوك في هذا الاتجاه، وعلى هذا الأساس، يتوقع أن يكون هناك بابان لكل بنك، واحد شرعي وأخر غير شرعي، وادخل مع ما يعجبك.
لماذا خسرنا كل هذا الزمن والأموال المهاجرة، لماذا نستعيد الفكرة ونطبقها متأخرين جدا، هل ذهب مستشار وجاء آخر وقرر فانتهى كل شيء، كان من الممكن أن تكون بلادنا مركزا للاقتصاد الإسلامي بحثا وتطبيقا، ومصدرة للفكرة والطاقات، ولكن..!؟.
ياترى…
كم لدينا من أفكار ومشاريع وحلول يجري رفضها الآن، بل و يسخر منها؟، وكم سنحتاج من عقود للعودة إليها ؟، ثم ماذا عن قدرتنا على تحمل الخسائر؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.