لم أصدق وأنا أطالع جريدة “الرياض”، أباً يتحدث للجريدة يشكو مظلمة من نوع مروع، هو متهم بالاعتداء على ابنته!، اعتداءً جنسياً!، والذي يتهمه طبيبة…جراحة!، فحصت الابنة، واستنتجت ذلك، الابنة صماء لا تسمع وتعتمد على لغة الإشارة، ظهر الرجل بصورته واسمه في صفحة المحليات، الإساءة التي تعرضت لها هذه العائلة لا يمكن تحديد مداها.
والقصة احتلت ثلاثة أرباع الصفحة من هذه الجريدة يوم الاثنين 4/16، وحدثت في المستشفى العسكري بجدة، وبدأت بملاحظة والدة الفتاة ” 12عاما” آثار دماء على ملابسها، استمر النزف لمدة عشرة أيام فذهب بها والدها للمستشفى العسكري، كان يوم خميس قيل لهم إنه لا يوجد أخصائية واقترح عليهم أن تنوم إلى يوم السبت!! “أول مرة أعلم أنه بإمكان المستشفيات العامة اقتراح التنويم على المريض، هذه الميزة في علمي انتقلت إلى المستشفيات الخاصة لخاطر عيون الفواتير”، نعود إلى القصة، في يوم السبت اكتشف الأب أنه تم تخدير الفتاة من دون إذن من والديها!، تم التعامل معها على أنها “شيء” فيما يبدو، وهي صماء أيضا ولازالت طفلة!، الطبيبة قررت أنها تعرضت لاغتصاب، حامت الشكوك حول كل الرجال بالطبع، أخوة الفتاة، سائق الباص، ثم الأب، الطبيبة تركز على الأخير، وباختصار منعت العائلة من ابنتها لمدة أسبوعين أخذتها أخيرا جمعية البر بجدة … لحمايتها!!، كأنك تطالع فيلماً أمريكياً، لم أعلم أن جمعيات البر تقوم بمثل هذه المهمات، التحقيقات تأخرت كالعادة، فكر الأب بالانتحار والطفلة أصيبت بانهيار عصبي، وحاولت إيذاء نفسها، فتم إعادتها لوالديها!!، ذهب الأب إلى ثلاثة أطباء، ذكر أسماءهم، الأول فحص الطفلة وقرر أنها سليمة ورفض إعطاء الأب تقريرا بذلك ،”لماذا وهو قد أستوفى أجرة الكشف”!!؟، ثم ذهب إلى مستشفى الأطباء المتحدون وثبت أن الطفلة سليمة، وأعطي تقريراً، لم يكتفي الأب بذلك بل ذهب إلى استشاري آخر فحصل على تقرير آخر يثبت سلامتها، بعد ذلك طالب بالكشف عليها من لجنة صحية حكومية عن طريق هيئة الادعاء وقررت أربع طبيبات سلامة الفتاة.
تصور عدد المظلومين في هذه القصة، كلهم من الرجال طبعا، ولعلك تلاحظ عزيزي القارئ أن الطبيبة صاحبة الاتهام غابت عن كل التفاصيل الأخيرة في القصة، بربكم ماهو الثمن الذي يمكن أن يعوض مثل هذه العائلة، غرامة ” طعش الف ريال”، أو خصم كذا يوم أم لفت نظر!!.
لا يعلم بعض الأطباء و..الطبيبات أثر كلامهم وتشخيصاتهم على المرضى، فمن طبيبة تقول لمريضتها أن الكلسترول عندك أقل من اللي عندي وكرسيها الذي تجلس عليه يكاد يختنق مطالبا بنسمة هواء، وفي درج مكتبها كثير من مستلزمات “النقنقة”، فتخاف المريضة أن تصاب بحسد وتخرج بوسواس، مروراً بهذه الحالة المذكورة أعلاه. إلى القصة التي سبق وطرحتها هنا “أكثر من مرة” عن المريضة التي استؤصلت معدتها بالخطأ في المستشفى التخصصي بالرياض، ولا زال أبناؤها، حتى الآن، يطالبون بالتعويض بعد وفاتها من دون جدوى.
أملنا بالله تعالى كبير ثم بمعالي وزير الصحة الذي أتمنى عليه أن يفتح وبسرعة ملف الأخطاء الطبية، ويعيد لهذه المهنة قيمتها وإنسانيتها، لابد من إعادة النظر في طريقة أداء اللجان الطبية الشرعية، وتأخرها في البت، ثم لابد من فحص الأطباء والطبيبات، كل فترة، هم بشر مثلنا يصابون بأمراض متعددة وما يرونه يوميا يرشحهم لذلك أكثر، لكن أخطاءهم قاتلة.
والذين يخطئون قلة منهم، لكنهم يسيئون للمهنة وللشرفاء من الأطباء والطبيبات الذين أكن لهم كل احترام.
فمن ذا الذي يوافق على أن يفحصه طبيب مريض ؟.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط