الحلقة الضيقة

كلما ارتفع موقع المسؤول، كثر الطامحون الى الاقتراب منه، كل له حاجة، بحسب الأهداف المعلنة أو الخفية. من هنا تمثل الصورة الفوتوغرافية الشخصية التي تجمعهم مع المسؤول قيمة كبيرة، وتكون اكبر لكل من يبحث عن شهرة وجاه، والأمر طبيعي، لأن المسؤول يمثل موقعاً فريداً في المجتمع، وقدوة حاضرة تستقطب الانتباه واهتمام وسائل الإعلام.
من هنا تقع على الحلقة الضيقة التي تحيط بالمسؤول مسؤولية كبيرة، لأنها بسماحها لشخص أو أشخاص، وربما شركات، بالنفاذ – الإعلامي… للظهور لا لقضاء حاجة شخصية – تقدم له/ لهم، شهادة أمام المجتمع بصورة أو بأخرى، وهي هنا مؤتمنة من المسؤول والمجتمع، فإذا لم يتم التعامل مع هذه الأمانة بحصافة وحكمة يحدث الاختراق.
ومن المداخل لظهور فريد النوع، فعاليات رعاية المناسبات، ووجدت انه عند نشر صور منها في الصحف، تقوم بدور التنقية وتنظيف الشهرة، أقلها – مثلاً – أن يحصل صاحب مطعم على صورة من هذا النوع، لينشرها بعد أخبار عن إغلاق مطعمه، بسبب تسمم.
و «جاب الطاري» حكم لمحكمة جزائرية على مواطن ليبي، انتحل شخصية، رجل أعمال – أو شيخ سعودي، إذ نسب نفسه لأسرة سعودية معروفة – والخبر نقله قبل فترة موقع «سبق» عن صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية. اكتشفت في القصة «تكاملاً» عربياً! لم تستطع جامعة الدول العربية تحقيقه، إلا أن اللافت هذه المعلومة، إذ سئل الشيخ المزيف عن صور له – استثمرها – مع رئيس الوزراء الجزائري الأسبق وشخصيات نافذة، «ضبطها» خلال افتتاح معارض. وليس النصب حكراً على جنسية: قبل أيام حكم في مصر على سعودي في قضية توظيف أموال.
ومن الشائع في مجتمعنا أن يحشر البعض في حديثه العام – حتى ولو كان عن الطقس – معلومات عن اتصال المسؤول الفلاني به، أو انه فاز عليه بجولة «بلوت». ومن الطريف قصة زميل سابق اختفى من عالم الصحافة منذ فترة طويلة، كنت لا تدخل عليه في المكتب الجماعي إلا وسماعة الهاتف معلقة في أذنه، ينظر إليك وينهي المكالمة بعبارات من نوع «ما يصير يا طويل العمر… خلاص أشوف لك الموضوع»، أو «معاليكم لا تكلف نفسك… اترك المسألة عليّ». بعد إغلاق الهاتف يخبرك مبتسماً بأن المسؤول الفلاني كان على الخط… المقطوع! وخلال عملي فترة طويلة في الإعلام، كنت ألاحظ قدرة البعض على التموضع عند التقاط الصور، فهم لا يظهرون في المناسبة أو الحفلة – على رغم وجودهم فيها – إلا عند التقاط الصور، وما زلت حتى الآن لا اعرف كيف يستطيع الواحد منهم إعادة الانتشار! والنزول المظلي المفاجئ بجانب الشخصية المهمة عند لحظة التقاط الصورة، على رغم بعدهم عنه طوال ساعات الحفلة، ولقدرتهم على تحقيق الأهداف، أسأل لماذا لا يضمون للمنتخب؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على الحلقة الضيقة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    هذه العالم يقولوا لهم ويطلقوا عليهم مسمى (المدهقنون) وقد ينطبق عليهم فعلا استاذي عنوان المقالة
    السابق (المتمترسون خلف الوزير ) وترى استاذي الحبيب ساعات تمشي معاهم الامور وعلى قدر تفكير وعقلية العالم اللي حظهم جمعهم بهذه البشر طوال ماهو جالس معاك كلمني الوزير واتصل بي الخفير واذهل الموضوع ومايصير الا الخير وهو من جنبها وعلب بعد اميال بعيد عنها وفيه نوع من هذه العالم عنده
    سبيكة زاحفة والفيوز عنده من بضاعة ابو ديك يتخيل امور يصعب عليه الا ان ينسبها الى نفسه .
    ونعيش كثير ونشوف اكثر الله يصلح الحال استاذي شكرا ..

  2. صلاح السعدي محمود كتب:

    حياك الله. أبو أحمد
    جميل جدآ المقال اليوم . بصراحة سعادتكم حطيت قلمك علي الجرح كثير جدآ من هذا النوع من البشر موجود
    في مجتمعنا نحن كاعرب خاصة وفي العالم الغربي عمومآ عندما يكتشف شخصآ ما بأنه يوجد عنده نقص في شخصيته وسلوكه يسير غير طبيعي هنا بس يلجأ لهذه الأفكار الشاظة الملتوية لكي يظر في الصورة وسريعآ
    مايقع في الفخ كما يقولون..أنما الإنسان إذا سار بطبيعته التي خلقه الله عليها وأجتهد للحصول علي المنصب
    والجلوس علي الكرسي سريع الحركة أكيد سيصل لهذا بالصدق والأمانة..لأن .الصدق أقصر الطرق للأقناع.؟؟
    الله يعطيك ألف عافية أستاذي الغالي.سلمت يمناك :

التعليقات مغلقة.