تعارض المصالح واستغلال النفوذ

أخيراً صدرت قرارات عدة من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، أعلنتها هيئة سوق المال، وكتبت عنها هنا مشيداً بالخطوة، والأسبوع الماضي صدر قرار جديد نهائي من اللجنة، شمل وللمرة الأولى الحكم بالسجن ثلاثة أشهر لرئيس مجلس إدارة شركة بيشة الزراعية نجم الدين أحمد نجم الدين ظافر، إضافة إلى غرامات مالية وإعادة أرباح تداول غير مشروعة، مع حرمان من العمل في مجالس إدارات الشركات المدرجة لخمس سنوات. ويظهر لي أنه القرار الأول من نوعه، مع العلم أن أرباح المذكور من التجاوزات، بحسب القرار قرابة ثلاثة وخمسين ألف ريال فقط، وهو مبلغ في عُرف رؤساء مجالس الإدارات بسيط.
ذكرني هذا بمطالبات بعض رجال الأعمال زيادة عدد الشركات التي يسمح لرجل الأعمال «الواحد» بالمشاركة في مجلس إدارتها أو رئاسته، البعض يطمح أن تكون أكثر من خمس شركات، ويظهر لي أن سبب هذه المطالبات هو القدرات الفريدة لبعض رجال الأعمال السعوديين، التي جعلتهم يستثمرون في كل شيء تقريباً، وأبرز هذه القدرات رفع الصوت ضد جهات حكومية نقداً أحياناً ومدحاً في أحايين أخرى بحسب المصلحة الخاصة، ومد اللسان ضد المستهلك دائماً، والتغني بالوطنية عند الترويج للمبيعات، ونسيانها عند رفع الاسعار أو المحافظة عليها مرتفعة. بالطبع لا أعمم هنا لكن النسبة الطافحة على السطح ظاهرة للعيان.
ورأينا ما انكشف من الجمع بين رئاسة مجالس الإدارات، ولا بد أن الخافي أضخم. ولمن نسي أذكره بقضية القرض الحسن التي «تدبست» فيها جمعية البر في جدة مع شركة صدق المساهمة، لذلك فإن التعدد في الإمساك بتلابيب الشركات والجمعيات من شخص واحد ليس من المصلحة العامة بل هو مدعاة في الحد الأدنى للقيل والقال. ثم إن البلد ولله الحمد فيها رجال كُثر، وحالياً تتوافر منهم أعداد أكبر مع تسريح معتبر لكفاءات في شركات وبنوك، ولو بحثت عن أسباب الاستغناء لوجدتها قرارات استراتيجية خاطئة، من أسبابها تعدد المهام أو المناصب للشخص الواحد.
أعود إلى تعارض المصالح واحتمالات استغلال المعلومات الداخلية. هيئة سوق المال ولجنة الفصل تشكران لحرصهما على الإعلان عن تلك القرارات بوضوح وشفافية، أيضاً عقوبة السجن تُعد تقدماً يفترض أن يحقق رادعاً. والسؤال لهيئة سوق المال السعودية العزيزة، ألا ترى تعارضاً للمصالح ظاهراً في تشكيل مجلس إدارة «تداول» الحالي، إذ يضم ممثلين لبنوك وشركات وساطة وشركات مدرجة في السوق الذي تشرف عليه، وهم من اللاعبين الأساسيين فيه، ولا ننسى أنها «الهيئة» هي من رشحهم لمجلس الوزراء؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على تعارض المصالح واستغلال النفوذ

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    ثلاثة وخمسون الف ريال والله من ناحيتي انا اشوف انها ماتستاهل توقيف ومنع الا اذا كان الموضوع ان هناك
    صفقة او كبش فداء يعني تنبلع نوعا ما الا اذا كان هناك خطاء مطبعي يمكن ثلاثة خميون مليون ريال معقولة
    لكن ثلاثلة وخمسون الف ريال علة قولة و شهاب ماهي محرزة قرار مثل هذا .. نبغى استاذي واحد من المئة مليون وفوق يعني من اهل الهبر اللي عليها الكلام بس على الاقل على قد قيمة البيان وهئية مال والله
    انه بيان يفزع اللهم اني صائم شكرا استاذي ..

التعليقات مغلقة.