هناك غلو آخر، تطرف قديم يتجدد، لا يُلتفت إليه، رغم خطورته .
ارتفعت مديونية الأفراد للبنوك خمسة أضعاف، تقريبا، خلال الفترة من عام 98إلى العام 2002، هذا الدين محصور في القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان، القروض الاستهلاكية تعني شراء السيارات والتجهيزات والعقار.، وأعلم أن هذا الرقم الذي ضرب في خمسة خلال خمس سنين لا يشمل مديونية شركات تقسيط السيارات، وهي كبيرة جدا وعزيزة المنال رقماً، ويخبرني بعض المصرفيين أن الاحتمال كبير في أن الرقم لا يشمل أيضا نشاطات التمويل..”الإسلامي” التي أشرت إلى جزء من مهرجانه في مقال سابق.
الخطر ليس من كون كل هذه المديونية ذهبت للاستهلاك وليس للإنتاج فقط، بل إنها تقوم على أساس من الاستغلال الكامل لحاجات الأفراد، ويأتي هذا الاستغلال الجشع من طريقة احتساب الفوائد والتي أطلقوا عليها في برامج أخرى عمولات، تصل مثل هذه الفوائد إلى قرابة أربعين في المائة ، المقترض يدفع نسبة العمولة على كامل القرض مهما سدد من أقساط!!.
“وناسة” وربيع بنكي مزدهر تشرف عليه مؤسسة النقد.. البنكي، ووناسة لشركات التقسيط التي لا يشرف عليها ويراقبها غير أصحابها.
ومنذ زمن طويل ونحن نعيش أشكالاً عديدة من أنواع التطرف بل الإرهاب الاقتصادي، تتناول حياتنا ومعاشنا، تطرف في الجشع والطمع، أبلغ صوره تتركز في الغش الذي طال الغذاء والدواء وعدم معاقبة مرتكبيه، في الفساد المالي والإداري، وتتلون الصورة لتصبح ظاهرة للعيان حتى يراها العميان، في الفوائد على القروض البنكية، وفوائد البيع بالتقسيط، في البحث عن السيولة من أي طريق وبأي ثمن.
لا يلجأ للتقسيط إلا محتاج، واستغلال حاجته بهذا الجشع أمر لا يرضي الله تعالى ولا عباده، فهل المطلوب أن يترقى من محتاج إلى مدين دائم، عبودية جديدة ورق للبنوك و الشركات، ومؤسسة النقد لم ولن تفعل شيئا مقابل افتراء البنوك التي عاثت وطغت، مثلما أن وزارة التجارة لم تفعل شيئا، اللهم أيقظهما من غفلتهما.
ويتوقع بعض أصحاب معارض السيارات في خبر نشرته جريدة الوطن مليار ريال قيمة أقساط سيارات خلال الشهرين المقبلين في جدة فقط، في حين أسست شركة معلومات لفرز من يصلح ولا يصلح للتقسيط، من سقط ومن بقي واقفاً، وتقول إحدى شركات التقسيط “ان سوق التمويل الشخصي في السعودية يعتبر من اكثر الاسواق نماء في منطقة الشرق الأوسط. حيث اصبحت الغالبية العظمى من سكان البلاد في اعتماد مطرد على تسيير أمور حياتها اليومية والمستقبلية على انواع متعددة من التمويل الشخصي مثل القروض، وبطاقات الائتمان المصرفي، وشراء الأجهزة المنزلية والسيارات والمفروشات والأراضي والمنازل عن طريق التقسيط”.
وليس هناك غبار على التعامل بالتقسيط وتيسير حاجات الناس، الغبار والعواصف المقبلة تأتي من تلك الأرباح الجشعة واستغلال حاجات الناس وجعلهم عبيدا للشركات والبنوك، تقيد رقابهم وأيديهم فيصبح لدينا قريبا جداً فلان عبد الشركة الفلانية وفلتان عبد البنك الفلاني.
وأجد من واجبي أنا المواطن المطبوع اسمي أعلاه التحذير من كارثة اجتماعية اقتصادية قادمة وأرشحها لأن تكون مطية سياسية جاهزة للركوب، أحذر من مجمعات تخريج المدينين، التي تبلع فوائد مركبة لا يتجرأ أحفاد “شايلوك” على فرضها.
إن مثل هذه الممارسات المسكوت عنها من قبل الجهات المؤتمنة على الاقتصاد والمال في بلادنا تزرع السخط والنقمة وتشرخ المجتمع الواحد وتحث على الكراهية والحسد والأحقاد، وتوفر مناخاً يستنبت قنابل موقوتة، نصمت الآن على من يغرر بها ويربيها ويسمنها عن طريق مص دمائها، ومع ذلك نتلكأ في إيقافه عند حده.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط