“القطو وخناقه” 2من 2

لدى خناق “القطو” البشري “بفتح الخاء وسكون النون” قدرات فريدة لا تتوفر لبقية البشر، منها قدرة مختلفة على الرؤية، هو يستطيع أن يري ذيل “القطو” البشري ويقيس طوله، في حين لا نرى أنا وأنت سوى فرد عادي لا يختلف عنا في شيء، نقدره ونحترمه.
الذيل عند القطو الحيوان ذي الفراء الناعم، له وظائف عديدة، ليس منها الدوس عليه، عندما تطأ قدمك علي “ذنب قطو”، فهو بمثابة إعلان حرب، لكن الهر البشري، مختلف جدا، القطو البشري أكثر بعثا للعجب والاستغراب، ذيله هو ريموت كنترول للسيطرة عليه، يمسك به خناقه ويديره من مسافات بعيدة، بل إنه يستمتع بالوطء عليه ويتفاخر بذلك، ولا يلتفت كثير لصراخه ففي نظرة أنها طريقته الوحيدة للتعبير عن البهجة والامتنان.
ويدعي خناق القط البشري الرحمة إلا أنه لا يعرفها كما نعرفها، الرحمة لديه لها مضمون آخر هي الدوس على الذيل، فتجد القطو البشري دائم الصياح والصراخ بلغة لا يفهمها إلا هما، قد تثيرك وتدفعك لفعل ما تراه الفعل الصحيح وتكتشف لاحقا أنك مخطئ بل ومغفل وأول من يصمك بذلك هو من ترى أنه ضحية!.
القطو البشري يشترك مع الحيوان في صفات ويختلف معه في أخرى، في الغالب هو لا يحب من يمسك بجرانه أو حلقه موضعيا لكنه يتشبث بمن يمسك به معنويا، تشبثا يشبه التصاق الوليد بأمه، وكلما ضغط الخناق بإبهامه على تفاحة أدم سيطر عليه أكثر، فنقول نحن أنه يحبه، شكل من خيوط نفسية لا تراها أنت ولا أنا، تحتاج إلى عيون من نوع خاص، نوع إذا حدقت في أعماقه “صالت” عليك معدتك!.
وللقطو البشري ميزة يتفوق فيها على القطو الأصلي وهي أن مخالبه وأنيابه هلامية، أو على أقصى تقدير بلاستيكية تنكسر عند أول “نظرة حارة” أو “نزره”، إذا درجة الأذى المتوقعة منه متدنية جدا، وتحمله كبير وهذا هو المثير، وهو خائف دائما ينتظر الأسوأ فيرضى بالسيئ ويعتبره ربيعا عامرا، يظهر أن توقف الأوكسجين عندما حبسته أصابع الخانق أوقف الذاكرة على صورة الأخير، “هنقت” الذاكرة، بلغة الكمبيوتر، على تلك الصورة فتم تثبيتها ولم يعد هناك غيرها، لكن من المهم التحذير أن القطو البشري ليس مسالما دائما إلا مع خناقه، وهو يبحث عن فرصة لصنع قطو بشري جديد يكون هو خناقه، لذلك ينتهز الفرصة أول ما تظهر ليمسك بخناق قطو جديد، فقد كان خناقه الأول أيضا قطواً بشريا ولازال،
حسنا لماذا يحب القطو خناقه؟،
بالنسبة “للقطو” البشري، هي ليست حالة حب على الإطلاق، هي إلى الكراهية أقرب، مشكلته أن أفقه توقف عند تلك الصورة “المهنقه”، فهو لا يرى ما قبلها ولاما بعدها، تجمدت الذاكرة وبقيت صورة الخناق تلك .. هذا هو عالم “القطو” البشري،، فقير ومحدود، فهو يستحق الشفقة ولكن عليك الحذر، شفقتك عليه لابد أن تكون عن بعد حتى لا “يمخشك” فقد يعتقد أنك مشروع قطو بشري جديد، ويتعبك عندما يبدأ البحث عن ذيلك، ولا تطمئن كثيرا لأنك بلا ذيل، المشكلة أن هناك أكثر من طريقة لاستنبات الذيل، فلا تنسَ أنه يرى ما لا تراه!.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.