جيوب الكراهية

أصيب صديقي بدهشة معجونة بالأسى بسبب رسالة من إعلامية سعودية صادف وجودها في عاصمة عربية مجاورة أثناء اعتداء المتسللين المسلحين على الحدود السعودية وقتلهم جندياً وإصابة أحد عشر آخرين. الرسالة عبّرت عن حالة الصدمة التي أصابت الزميلة من هول «الشماتة» في أوساط من وصفتهم بـ «مثقفين وإعلاميين» هناك، بدلاً من التعاطف ضد اعتداء غادر مثل ذاك يطاول بلداً عربياً… و «شقيقاً» كما يقال في نشرات الأخبار الرسمية.
لا يفرح بالغدر سوى غادر، وإطلاق صفة المثقفين هنا أو الإعلاميين غير دقيقة، هي من الأخطاء الشائعة بل ومن تلبيس إبليس، فهم أقرب الى الملفقين والهلاميين. الأساس – إجمالاً – أن ترتقي أوساط الثقافة والإعلام ذوقاً وإحساساً وتهذيباً بمن يحشر نفسه داخلها، ومثل هؤلاء موجودون في قنوات فضائية وصحف يتخفون بملابس المهنة.
الحقيقة إني أعجب لمن لا يزال يصاب بالدهشة من مثل هذه المواقف التي تتصاعد عند كل فرصة من مستنقعات الكراهية، وهي للحق محدودة ومكشوفة مع نشاط ملحوظ يهتبل كل فرصة مثل خلايا الإرهاب النائمة. لم أعد أصاب بالدهشة، لأني لمست شخصياً مثل هذه المواقف في مطار العاصمة نفسها عند كارثة احتلال قوات صدام الكويت، وإن كنت أجد عذراً للزميل الذي عُرف بمنافحته عن قضايا عربية وحرصه عليها حرصاً جعله يمنحها أولوية على قضايا محلية، العذر يمكن تفهمه بسبب إحساسه بالغدر.
جيوب الكراهية هذه وجدت لها متنفساً بأسماء مستعارة في الإنترنت تعليقاً على أخبار. هذا في العالم الافتراضي، أما الحقيقي فإنها لا تكشف عن نفسها إلا عند أحداث دموية كما وقع على الحدود السعودية، كان من المضحك أن ترى البعض يشعر بالسعادة لهزيمة منتخب كرة قدم عربي، مثلاً، أمام فريق كوستاريكا الوطني ولا تفهم السبب لأنه خارج نطاق آفاق مخيلتك، فكيف بقضية اعتداء على حدود وقتل جنود يقومون بواجبهم الوطني، ولا أذكر مع عمل طويل في الإعلام السعودي أني لامست مثل هذا الشعور في أوساطنا ضد كيان أو مجتمع عربي أو إسلامي تعرّض لأذى، بل ما يحدث في العادة هو العكس تماماً.
وللإخوة في الكويت تجربة مريرة في هذا، عند احتلال بلادهم، عانوا منها معاناة الله العالم بها عندما شُرِّدوا من منازلهم وسُلبت ممتلكاتهم، وما زالت آثار تلك المعاناة موجودة في مواقف صحف ومقالات كتَّاب محسوبين هناك، حسموا أمرهم واتخذوا موقفاً نهائياً، وهو ما لا أتفق معه، لكن من المهم الإشارة إليه لمعرفة الآثار المدمرة لجيوب الكراهية تلك ومستنقعاتها الآسنة التي يجب على العقلاء في مجتمعاتها ردمها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على جيوب الكراهية

  1. سليمان كتب:

    لا تستغرب ابدا هؤلاء هم من امتدت ايادينا لتطعمهم وتؤيهم
    هؤلاء هم من صدق فيهم قول الحكيم ( اتق شر من احسنت اليه )
    واذا اردت مزيدا من العجب ..
    فكر في من هم اشد من اولئك
    ويعيشون بيننا
    وانت تعرف ما بين السطور
    شكرا لك

  2. مهره كتب:

    جيوب الكراهية !! جيوب أنفية قذرة ” أخبرني أستاذ عبدالعزيز ….تلك الجيوب الأنفية القذرة ” تشم رائحة الأزهار والعطور وبالمقابل يخرج منها أشياء قذرة لزجة !! عموما أنا كمعلمة أرى هذا الكره من طالبات ” من بلاد محتلة …المشكلة أستاذي أنّ كراهيتهم عيان بيان …بالرغم من أنهم يأكلون من خير بلدي ويدرسون في مدارس بلدي وبالمجان ….!! ويلقون معاملة ممتازة في بلدي …….عموما ذلك البلد المحتل ” بعض شعبه …جيوب أنفية قذرة !! هناك أيضا بعض البشر وتربطنا به خليج واحد ………أي خليج يربطنا بناس لا يحبون السعودية ولا يحبون شعبها ” ويا فرحتهم …نشوف فرحتهم في قنواتهم الخاصة ….وتلك الفئة أنوف وآذان ……وعيون …..كلهااااااا قذرة
    ربي يحفظ السعودية ويحفظ ملك السعودية ويحفظ شعب السعودية وما يعزيني أن هناك شعوب أخرى تحب السعودية بشكل حقيقي وجميل ….ومقابل أن تشم منّا العطور ” تقذفنا بالورود والأزهار “….نحن شعب نفهم ونشعر ….ولدينا طاقة حب حقيقية ” ولكن للأسف بعض الجيوب الأنفية تقابل طاقة الحب …بزكمة في أنوفهم ….وجعلهم ما يطيبون من الزكمة …………..وربي يحفظ بلدي ومليكها ويحفظ الأستاذ عبدالعزيز ……..بلدي أحق بحــــــبي ” أنا أحـــــــــب السعودية …….”

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    مع الاحترام والتقدير استاذي هذا الموضوع تعودنا عليه نحن العرب يوم معاك ويوم ضدك وحسب
    الريح والاجواء والتوجيهات ورسائل الغدر والشماته هذه مواضيعها حسد ولعياذ بالله .
    والله يصلح القلوب المتعثرة .
    شكرا استاذي

  4. فارس الكيلاني كتب:

    أوافق على معظم ما جاء في مقالك أستاذي العزيز وأشاركك التمني بزوال هذه الأفكار القذرة وتحول شعارات الأخوه والمصير المشترك الى واقع وشعور صادق ولكني أختلف معك في أمر واحد وهو قولك “ولا أذكر مع عمل طويل في الإعلام السعودي أني لامست مثل هذا الشعور في أوساطنا ضد كيان أو مجتمع عربي أو إسلامي تعرّض لأذى، “.
    أختلف معك في هذا لأني مواطن عربي أقمت في السعودية لسنوات طويلة قبل أن أهاجر الى الغرب ويمكنني التأكيد لك بأن الشماته والتعالي على الاخرين في مصائبهم هو سلوك يومي يمارسه كثير من السعوديون على اختلاف مستوياتهم، جرب أن تدخل ألى أيٍ من مواقع الحوار السعوديه عند وقوع مصيبة في بلد عربي لتقرأ جميع مفردات الشماته إبتداءاً من التعبير عن اللا مبالاة المفرطة الى الإتهام بأنهم يستحقون ما أصابهم لبعدهم عن الدين الى إنكارهم على الناس طلب العون منهم بعد أن جلبوا المصائب لأنفسهم، قرأنا وسمعنا هذا عند غزو العراق وفي حرب لبنان وفي حرب غزه ولم يقتصر الأمر على عوام الناس بل انجرف له الكثير من المثقفين وحتى علماء الدين مع الأسف.
    وأخيراً أسأل الله أن يصلح قلوب الجميع.

التعليقات مغلقة.