إلى أي درجة ساهم الفساد في المصاب؟

نحتاج لوقت قد يطول لاستيعاب صدمة المصاب في جدة، لم يكن هنا سبب وحيد لما حدث، العشوائيات والبناء في الأودية أورام حقيقية لكنها ليست الداء، انها طفح يشير إليه.
العشوائيات من الأعراض ويمكن ان تظهر أعراض أخرى للمرض أو الأمراض التي أصبنا بها وتكاد تصبح مزمنة، وان كان واقع الحال بعد ساعات من السيول في جدة وصور مؤلمة وقصص اكثر إيلاماً أحدث فاجعة وكارثة نفسية لمن لم يعايشها او يحتجز وسطها، لقد عايشنا صدمات من هذا النوع كانت اقل وطأة فقط لأنها حالات متناثرة والمصاب فيها لم يصل إلى الأرواح والممتلكات بحدة كالتي حصلت في جدة، والسبب تراكمات، اذا أردنا أن نضعها في جملة واحدة مكثفة يمكن القول انها تدني ثقافة المسؤولية الحقيقية في مفاصل عدة، التي لا يمكن إصلاحها من دون محاسبة ومساءلة مع شفافية.
جدة انفجرت مرارتها، كأنها تحذر وتنبه، في نموذج وصل إلى منتهاه يخبر عن حائط خرساني أمام السيارة المسرعة… الذين يرسمون بأقلامهم طريقاً عريضاً على جدار الاسمنت مساهمون في الحادثة، لكنه تحذير هذه المرة بثمن باهظ من ضحايا وخسائر وترويع سكان وصورة سلبية قاتمة في الداخل قبل الخارج.
كانت جدة تقدم النموذج الباهر – الأكثر شهرة – للمثل الشعبي «لابس خلاخل والبلا من داخل»، وكان مشهد الخلاخل البراقة حاضراً ظاهراً بأكثر من صورة أدناها وأقدمها مجسمات عجيبة استدعي لعملها فنانون من الداخل والخارج دفنت ما تحت السطح ونجحت في ذلك زمناً طويلاً، وفي كل مصيبة تحدث تتم المطالبة بموازنات أكبر!
ونحن أحوج ما نكون إلى متبرع يرصد لنا حجم ما اعتمد وصرف على شبكة تصريف السيول والمجاري في جدة وكيف تمت إدارة ذلك، وزارة المالية ومعها ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق مطالبون بالحضور والظهور في كشف الحساب هذا. انهم معنيون بما حدث وما قد يحدث في جدة وغيرها، بل يفترض في هذه الجهات ان تجيب على السؤال: ما مقدار الفساد بوصفه سبباً لما حدث في جدة؟ الحديث عن الفساد هو الشائع، من دون كلمة واحدة من جهة رسمية معنية! ثم إن هذه الصدمة تستدعي أيضاً واجباً علينا في الإعلام للتوقف عن ثقافة «البروزة»، ومثلما كان للمجسمات الصدئة دور في زمن سابق جاءت المنتديات العالمية بأسمائها المتعددة وكل ما يلمع او يجرى تلميعه ليخفي الواقع القاتم.
الحقيقة مرة والكتابة عنها أكثر مرارة، فكيف اذا كان الحديث عن تنمية وطن واستقرار وتطلع إلى الأفضل، لاحقاً قد ترتفع بعض الأصوات لتحكي عن ثقافة الإحباط والنصف الفارغ من الكأس.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على إلى أي درجة ساهم الفساد في المصاب؟

  1. مهره كتب:

    صباح الخير للجميع ” أكتشفت أن مدينة جدة , مجرد مدينة من رمل …أهتزت في أول نقطة ماء , وتهدمت في النقطة الثانية ……..جدة أصبحت مدينة الرمل بالنصب والإحتيال ” ليست العشوائيات والبناء في الأودية هي الورم ..!! الورم شيئ آخر ويجب إستئصاله سريعا ” تلك الكارثة ستولد كارثة أخرى عبارة عن الأمراض التي ستنتج من الحيوانات النافقة والبشر الغرقى ” رسالة إلى سكان جدة …..احتموا بالله تعالى …
    نعم , نعم , نعم ” نريد أن نعرف كم المبلغ الذي رصد لتصريف مياه الأمطار في جده …..من يخبرنا !؟ كارثة جده فسااااااااااااااد ” وحاسبوا أهل الفساد ……أما الإعلام الذي يبروز ويزخرف ويجمل والحقيقة خلاف ذلك ” فبشروه ..لن نصدقه بعد ذلك مالم تكن في أخباركم شفافية وصدق ………..شكرا أستاذ عبدالعزيز والشكر موصول لقرءاك ولمهره

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب عبدالعزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يبدو ان التعليقات في موقع الجريدة لاتظهر في موقعكم الموقر وانا بالامس علقت على المقالة
    في موقع الجريدة حيث ان موقعكم لم تظهر فيه المقالة حتى التاسعه صباحا .
    واقترح عليكم استاذنا الحبيب ان امكن ان تضم التعليقات سواء التي في الموقع او في الجريدة مع بعضها البعض سواء كان القارئ ابدى رأيه في اي منهما وهو مجرد اقتراح من اخوكم المحب في الله .
    وفي كلتا الحالات نحن نبحث عنك كاتبنا القدير في اي موقع وفي اي وقت ادامكم الله استاذنا الكبير .

  3. فراس عالم كتب:

    الصدمة تستدعي أيضاً واجباً علينا في الإعلام للتوقف عن ثقافة «البروزة»
    هذه كلمة تكتب بماء الذهب، فالإعلام الذي يطنطن اليوم عن الفساد و المجاسبة هو أول المتهمين و هو الذي لمع و بروز و قدم المفسدين كوجهاء المجتمع و رموزه المباركه و هو الذي ما فتئ يتغنى بالإنجازات الجبارة و المشاريع العملاقة في بوربجندا قميئة ممجوجة
    نسأل الله أن يخلصنا من كل مفسد و أولهم مفسدي الصحافة و الإعلام

التعليقات مغلقة.