خصوصيتنا و الاعتذار

الاعتذار ليس من سماتنا ولا خصوصيتنا فهل تتذكر أحدا اعتذر؟، مثله مثل الاستقالة فهي ليست من خصوصيتنا ولا عاداتنا فهل تتذكر أحدا استقال؟، رغم ذلك لم يفاجئني اعتذار وزير الكهرباء والماء لأهالي جازان، انقطعت الكهرباء عن جازان مدة أيام ، وفي طقس مثل طقس جازان فإن الحاجة للكهرباء مثل الحاجة للماء والأخير يعتمد على الأول، ليس مفاجأة أن يعتذر الدكتور غازي القصيبي ويبدي خجله لأنه يرأس مجلس إدارة الشركة التي تعطلت مولداتها، فقد ظهر جانب الإنسان المثقف في شخصيته وطغى على الرسمي ، لكن هذا الاعتذار لن يقدم كهرباء لأهالي جازان ولن يخفف عنهم الحر وأسراب البعوض، كما أنه لن يعوضهم عن خسائرهم، مع هذا فمن باب أضعف الايمان أمر رائع أن يعتذر مسؤول لمواطن على تقصيره ، هنا تأسيس للاعتراف بالتقصير، وهو يعني شعورا بالمسؤولية ووعدا بالعمل الجاد على عدم تكرار هذا الخطأ المخجل، وطلبا للمسامحة، إنه أمر يدعو للاحترام رغم أنه لم يُعد الدوران للتوربينات، مع ذلك أعتقد أن من اطلع عليه من أهالي جازان شعر برضى و اطمأن أن هناك من يعترف بالمسؤولية تجاه خدمة لو توقف عن دفع فاتورتها يوما واحداً لبادرت الشركة من غير اعتذار بقطعها عنه وتغريمه، وحتى لا أفهم خطأ فإن الاعتذار ليس مطلوبا لذاته لكنه مقياس للشعور بالمسؤولية تجاه كرسي ما، لأنه عند البعض قد يكون عملة سهلة ، وهو للعلم لا يقلل من قيمة المعتذر إن لم يرفعها، فهو لا يمس الكرامة اللهم إلا إذا كان هو العمل الوحيد الذي نقوم به عندها يصبح شرخا في المصداقية. جازان التي مسها المتصدع ثم الكهربا، تحتاج إلى تعويض خاص لعله لا يصبح مثل تعويضات أصحاب المواشي عندما أصابها المتصدع أو شك في حالها. وهنا لا أريد التباكي على حال أهالي جازان وهم بلا كهرباء ، هذا لن يفيد وإن أنتج جمهورا عريضا للكاتب ، أفهم أنه حادث يمكن أن يقع لأي سبب، رغم أن هناك وسائل عديدة للاحتياط، لكني أريد التأكيد على عدم المكابرة في تحمل المسؤولية ، تعودنا عند حدوث أخطاء أن تتبادل الجهات تحميل المسؤوليات على بعضها البعض ..هربا من اللوم ، واعتذار وزير الكهربا ليس أمرا خارقا للعادة بحيث يستحق التصفيق لكنه جديد على مجتمعنا وعلى دوائرنا الرسمية، العادة أن المسؤولية تقع على المواطن ، فهو قد بالغ وأسرف في استخدام الكهرباء!، الاعتذار ليس من خصوصيتنا ولو دققنا فيها لوجدنا أن أكثر عناصر هذه الخصوصية قائمة على المنع والحجر على المبادرة المنتجة في زمن هو زمن المبادرات.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.