توقفت عند هذا الوصف «للمعاق خط سير محدد»، وأنا أنصت لزفرات رجل أصبح أسيراً للكرسي المتحرك بسبب خطأ طبي، لا ينسى – وكيف ينسى؟ – ذاك الخطأ الجسيم. أعطي وهو طفل حقنة ودرجة حرارته مرتفعة، فكان ما كان، لو بحثت عن حقن الأطفال من دون التأكد من أوضاعهم الصحية، لوجدت أن الأمر «عادي». أتحدّث هنا عن تجربة، لنفتش عن أسباب تزايد نسبة المعاقين؟ إذا كان هناك من يهتم.
الآن… هو في الأربعين مع أسرة صغيرة، يقاتل جاهداً للملمة شتاتها بعد ما شردتها العواصف، إنها حلمه وغايته، «خط سير المعاق المحدد» اختزال للمعاناة، الإعاقة أساس المشكلة وتطرزها بطاقة دفتر العائلة بالعلامة الفارقة لصاحبها… «كسيح»!! يحمل العلامة الفارقة الرسمية – المتخشبة – معه أينما ذهب!
نصف القيد الآخر جاء من الإجراءات وعدم إحساس بعض من يطبّق الأنظمة والتعاميم بحالات إنسانية استثنائية. لا تصدر الأنظمة والتعاميم الشارحة لها إلا لغرض إيجابي، لو لم تصدر لطالبنا بها. هذا لا يعفي المنفذين من مسؤولية، للقوانين والانظمة غاية… وروح وسبب، إنه دفع الضرر وجلب المصلحة.
أسير الكرسي المتحرك حصل على وظيفة في القصيم وأسرته في الرياض. قيل له: «إذا باشرت ما فيه نقل»! حاول ثم خسر الوظيفة، وفي تلك الأثناء اضطر للاستدانة ولعدم وجود مصدر دخل للسداد رفعت عليه قضية، وأصبح مطلوباً لشرطة القصيم، نتج عن هذا تجميد بطاقته المدنية، لا إمكان للتجديد أو العمل ولا حتى إضافة الطفلة الصغيرة، أيضاً لم يحصل على حقه من الشؤون الاجتماعية، العذر المعلن «ليس لديه بطاقة والتعاميم واضحة في هذا الشأن»، حتى الجهات الموكل لها رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة… جامدة… ما معنى «اجتماعية»… وحاجات خاصة يا ترى؟ لا علاقة إنسانية حاضرة بالحالة، كأنهم يقولون «معك ورق ترزق وغيره يفتح الله»، حسناً ماذا يفعل من ضربته عواصف الحياة وتكالبت عليه (صواديف) الأيام، ولك أن تسأل كيف يتحول موظف كبر أو صغر إلى جماد.
عدم وجود مصدر دخل دفع مالك المنزل للمطالبة بالمتأخر وهذا حقه، وصل الأمر للشرطة في الرياض، وجاء الأمر «بتنفيذ النظام»، من دون مراعاة للحالة الاستثنائية، ليتم تشتيت أسرة صغيرة، قلب الرجل على أسرته، ولديه إيمان عظيم وإرادة، بل أرى فيه قدرة على العمل وسعة اطلاع ومنطق قوي، لو فتحت قناة فضائية عينيها عليه لخصصت له برنامجاً عن ذوي الاحتياجات الخاصة، سيتحدث عنهم كما لم يتحدث أحد وستتأثرون.
ذهب إلى هيئة حقوق الإنسان، قوبل بلطف ومحاولات للمساعدة لكن هذا لم يتحقق منه حل لقضيته، بقي مشرداً عن أسرته، حصل على خطاب منها يشرح حالته، «لمن يهمه الأمر»، فمن يا ترى يهمه الأمر؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اوجعت قلوبنا استاذي الغالي ..
لكن ماانا واثق منه تماما وبعد تجربة واقعية ان ولاة امورنا في هذه البلاد الطاهرة لايمكن ان يقبلوا
مايحدث .. المشكلة استاذي في ان اشباه المسؤلين انعدمت لديهم الروح الانسانية ولايشاهدوا
امام اعينهم سوى التعليمات والضوابط ..
ادعوا الله العلي القدير ان يجعل الامير سلمان بن عبدالعزيز .. خاصة ان يشاهد مقالكم استاذي
وسيكون الحل بيده لهذا الانسان الحبيب وان يخفف عنه مصيبته ويفرج كربه اللهم امين
ويجعل ماكتبت استاذي في موازين حسناتك يارب .
شكرا استاذي الغالي .
صباح الخير أستاذ عبدالعزيز وصباح الخير قراء الأستاذ عبدالعزيز
” منّي أنا لهذا الرجل عشرة آلاف أدفعها له لأنه ابن بلدي ……وسأدفعها بغير منّة منّي ” يا ناااااس ظروف هذا الرجل صعبة والسبب أنظمة غبية وروتين أغبى ” أليس لهذا الرجل ولمن هو على شاكلته …إستثناء ” اتقوا الله تعالى في ابناء البلد من ذوي الإحتياجات الخاصة ………….شاطرين في غيرهم ومن برا البلد !!!!
لهذا الرجل المتألم جدا والذي يحاول أن يجمع شتات أسرته أقول :” ربي يوسع رزقك ويسخر لك خلقه ويجمعك بأسرتك في بيت ملك له سقف وجدران وغرف وشبابيك تدخل منها الشمس ….ربي يسخر لك المسؤولين …ربي يعطيك من وسع ويرضيك ” اللهم آمين “……………………..ربي يجعل لك في الدنيا حياة سعيدة وغنية ويجعل لك في الآخرة ” حياة أخرى ..أجمل وأطيب وألذّ وأسرتك معك ….آمين
نفس سبب الأعاقة التي أعاني منها الآن..
نفتخر نحن المعاقين بين أنفسنا بأطول فترة للقوانين الصادرة لحفظ الحقوق دون تطبيق ، 9 سنوات وأرفع راسك أنت سعودي..
كنت مؤمن بأنك استاذي عبدالعزيز السويد سـتطرق لأوضاعنا حتى لو كان منظار ما تطرقت له شخصي لفرد منا فنحن جسد واحد له نفس المعاناة.
بالنسبة لي أقف على حدود 30 ولا شيء في يدي لا زوجة ولا وظيفة ولا رؤية مستقبلية للقادم من الأيام أعيش يومي فقط دون انتظار الغد هذا ليس يأس بل طرق للتكييف مع المتاح.
ردا على تعليق الاخ طارق حسني
باتأكيد ان ولاة الامر لا يعلمون بحالة المذكور وقد اوكلو امره الى مسئولين هم من يتحمل المسئولية امام الله يقول احد الشياب حنا اذا وصلنا البركة شربنا بس متى ناصلها
والبركة هنا هم ولاة الامر الذين لا يعلمون بمعظم مشاكل الشعب والا ما صار لنا اللي صار
الكبير ابو احمد
للاسف هذي ثقافة موجودة في كل مكان اسمع هذه القصة ..
عندما زار الملك فهد رحمه الله القصيم كان مخططا ان يذهب لمستشفى التخصصي في بريدة ومستشفى عنيزة ولاحظ الفرق بين الفريقين .. في مستشفى بريدة ذهب المسئولون الى الاسراع في اخراج المرضى وعدم قبول مرضى جدد للتنويم وعندما جاء الملك قالوا كل شي تمام .. في عنيزة الوضع على النقيض فقام المسئولون بابقاء المرضى الذين سيخرجون ووضع اناس جدد حتى من الممرضيين في المستشفى وعندما جاء الملك قالوا هذا حالنا تكدس في المرضى والمستشفى لا يستوعب .. بعد سنتين او اكثر بقليل انتهى مستشفى جديد في عنيزة وفي بريدة حتى اليوم ومع كل قطرة مطر يغرق مستشفى التخصصي في بريدة حتى النخاع