السبيل إلى «الرقابة»

كان من المنتظر تغيير أسلوب العمل – الميداني – في أمانة جدة بعد كارثة السيل… سرعة رفع الأضرار، وإعادة تأهيل الأحياء المتضررة. اشتكى الأهالي من الإهمال، أنقاض ومستنقعات، فوصلت الأمراض. لكن «الأمانة» عندما رغبت، جنّدت معداتها قبل زيارة الأمير خالد الفيصل الأخيرة للأحياء المتضررة، وعند انتهاء الزيارة، انتهى عمل المعدات. هذا منشور في الصحف، وهو يعني أن عقلية التجمّل الموقت، وتحسين الصورة أمام أنظار المسؤول الكبير ما زالت «معشعشة»، لينــتهي الاهتمام بانتهاء الجولة الرسمية.
لنتأمل قليلاً هذا الأسلوب السائد في جهات حكومية. أثناء موسم الحج أشرت إلى حالة مستشفى الملك فهد في المدينة المنورة قبل زيارة الوزير وبعدها. المعنى أنه ليست حالة خاصة، وإذا كان يفهم أن شوارع مغبّرة تتحوّل إلى حدائق زهور بين ليلة وضحاها، فلا يمكن استيعاب حُفر ومستنقعات في مدينة اشتهرت بالبعوض والغربان في أحياء للتوّ خرجت من كارثة.
هذا الأسلوب يقوم به الموظف الصغير أمام رئيس القسم، والأخير يعمل به أمام المدير العام، وهذا يلتزم بمثله أمام الوكيل، والجميع فريق واحد متعاضد يلعب بالخطة نفسها أمام الوزير. لا ينحصر هذا في العمل الميداني، بل في التقارير، كما في النشاط الدعائي عن إنجازات أو ردود نفي.
من هنا لا يعوّل كثيراً على رقابة داخلية من داخل الجهاز الإداري نفسه، لأن «الستر» أو التستر هو السائد. يعتبر البعض أن الجهاز الإداري الذي يشرف عليه «شعرة وجهه»، وهذا أمر يمكن تفهمه، لكن لب المشكلة إذا انحصر العمل في مجرد التغطية (التجمُّل)، ما يؤدي إلى تضخم الأضرار وتكدسها، تتوالد عن هذا الوضع مشكلة أخرى. إن هذا «العرف» الإداري أو النهج يتحوّل إلى سد منيع أمام أي تغيير، حتى ولو تم تغيير رأس الهرم الإداري، لأن الثقافة السائدة هي التغطية، فكيف سيعلم بما يدور حوله، ليحاول الإصلاح وعيونه الإدارية وآذانه تمارس التستر تجملاً أو تخفياً؟
من هنا ترى أجهزة تم تغيير قياداتها التنفيذية، ولم يتغيّر واقع عملها. من البديهي أن هذه البيئة الإدارية طاردة لكل عنصر إيجابي يحاول الابتكار والتغيير إلى الأفضل، وهي جاذبة لكل عنصر جامد «متوار» لا يحرّك ساكناً، ما دامت منفعته الخاصة تواصل الجريان.
ما هي مناسبة الحديث، إنه تقرير ديوان المراقبة العامة، الذي أشار إلى ضعف الرقابة الداخلية في الأجهزة الحكومية. الرقابة الخارجية أيضاً ضعيفة. نحن في حاجة إلى إعادة تقويم لأجهزة الرقابة ككل، وإعــادة هيكلتــها، وإشـعار موظفيها بقيمة دورهم، والمنــتظر منهم. هذا إذا أردنا الخروج من عنق زجاجة طويل. ولا أقلل من عمل ديوان المراقبة العامة، بل اسأل: ماذا تم من إجراءات بعد كل هذه الكشوفات؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على السبيل إلى «الرقابة»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاجراءات التي ستتم او يجري الاعداد لاتمامها تحتاج الى اجراءات وهذه الاجراءات استاذي لابد لها من اعداد
    بعض الاجراءات التي تستلزم اتخاذ اعداد جدول بجملة هذه الاجراءات وحتى نتمكن استاذي من الوصول الى
    جملة هذه الاجراءات يتوجب علينا ان نعد ومن الان الاجراءات الواجب اتخاذها وهذه الاجراءات استاذي سوفغ توصلنا الى الاجراءات التي يجب ان نتبعها .
    وغدا نكمل استاذنا الحبيب .. وياطولة البال . زي ما رحتي جيتي .
    وابشرك كمان يابو احمد هئية مراسلون بلا حدود غلقت الناقص وضعتنا في ترتيب يشرح الصدر
    وان شاء الله وزيرنا المتجدد والمثقف الدكتور الخوجة مسؤل اعلامنا اخذ خبر والا الاجراءات برضه حالت
    دون وصوله اليهم وقالوا له كله تمام . عاد هذه تحتاج الى اجراءات من اغلى الاجراءات .
    شكرا استاذي .

التعليقات مغلقة.