خصوصية كوارثنا 2

برودة التعاطف الفاعل مع الكوارث المحلية شعبيا ورسميا ليست أمرا جديدا، تعودنا التعامل معها مثل مناسبة ضمن مناسبات، ومثل غيري من المسلمين أنا مع الاهتمام بكل مسلم وبكل إنسان ، بل وبكل روح، لكن أبناء بلدي إذا كانوا محتاجين هم أولى ، وما فاض عن ذلك يمكن التفكير في كيفية الاستفادة منه، أما أننا نتحمس للعمل الخيري الخارجي بدافع من العاطفة الدينية ويتهاوى بل يتهاون إحساس هذه العاطفة بأوضاع أهالينا فهو لغز محير، و موقف متهالك لا يمكن الدفاع عنه، ولا القبول به، هؤلاء الأخوة المتحمسون الذين أشرت إلى بعض من ردودهم في المقال السابق، لا يمكن التشكيك بنواياهم وغاياتهم النبيلة ، الأمور والآراء تحمل عندي على الظاهر حتى يثبت العكس. لكنهم في الحقيقة غير محتاجين!، هل فكروا برأي المحتاجين من إخوانهم الذين يرون الخيرات والعمل الخيري يذهب بعيدا وهم له أحوج، بربكم بماذا يفكرون وهم يرون منازل تشيد أو مستو صفات تبنى لا يجدون في قراهم مثيلاً لها؟، ضعوا أنفسكم مكانهم لدقائق، ثم أفيدوني ماذا تتوقعون منهم؟.
أحدهم يقول أن “الدولة ما قصرت”!، وحيث أنه يرى أن الدولة ما قصرت، لا يرى تقصيره هو ولا تقصير العمل الإغاثي، وكأن هذا العمل ليس له علاقة بالدولة ، كأنه يراه منفصلا عنها!؟، والذين يضعون الحمل كله على الدولة لا يريدون أن يتحملوا المسؤولية إلا هناك..بعيدا في أقاصي الأرض.
لا يا أخي هناك تقصير وهذا ليس سرّ ، وهو يعلن كل يوم ويكتب عنه كل يوم، ومؤسساتها تعترف به، والعمل جماعي تتظافر فيه جهود أجهزة الدولة مع الهيئات والمؤسسات الأخرى، لنصلح أحوالنا الداخلية وبعدها يمكن لنا أن نفكر في أحوال الآخرين، ألم تسأل نفسك لماذا تعرف عن بلاد بعيدة أكثر مما تعرف عن أجزاء من بلادك!!. والذين يقولون إن الأجهزة الحكومية ما قصرت لا يختلفون عندي عن أولئك الذين يتعاملون مع أصول عامة على أنها حلال الدولة..أي أنه مستباح ،فهو جلد يتحمل الشوك ويمكن جره عليه..هو ليس جلدك في النهاية.
أحمد الله تعالى أننا لسنا من الدول المتقدمة في تقنيات الفضاء أقول الفضاء وليس الفضائيات، أما السبب فهو أنني أخمن أنه لو كنا كذلك لطالب بعض منها ببناء سفن فضائية تجوب الكواكب محملة بالتبرعات، بحثا عن محتاجين أو مصابين بكوارث كوكبية، ولن يفكر مثل هؤلاء بإجراء مسح لبلادنا ومعرفة احتياجات القرى والهجر، مثل هؤلاء أقول لهم ارجعوا إلى سلسلة تحقيقات هذه الجريدة عن الفقر في المملكة ، لعل قلوبكم ترق ،لعلها تستيقظ من غفلتها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.