ولازال التحقيق مستمراً

حتى أ كون أكثر دقة، لا أحد يعرف هل لازال التحقيق مستمرا أم أنه تسمر ووقف مكانه، أعني التحقيق في حادث حريق الفندق في مكة المكرمة قبل أشهر والذي اختنق ومات فيه خمسة طلاب صغار، وثبت اقتراف الفندق أخطاء مميتة وسلبيات عديدة أدت إلى تلك الكارثة، تخزين فرش النوم في الممرات، عدم عمل جرس الإنذار وكذا أجهزة الإطفاء ومراوح الشفط.. إلى آخره.
ما الذي يجعلني أقلب المواجع، بعد أن “بردت حرتها” أو كادت في نفوس أهالي القتلى، وبعد أن قال بعضهم العوض على الله يأساً من الدفاع المدني.
السبب يا سادة خبر نشرته هذه الجريدة في صفحتها الأخيرة يوم الثلاثاء قبل الماضي، يقول الخبر أنه تم تغريم فندق في مكة المكرمة مبلغ خمسين ألف ريال لإخلاله بشروط السلامة واستخدامه مخارج الطوارئ لتخزين الأثاث والإسفنج مما يسبب خطورة على قاطني الفندق”، كالعادة لم يذكر اسم الفندق حتى نعلم هل هو الذي حدث فيه الحريق أم لا، يمكنكم ضم عدم ذكر الأسماء إلى خصوصيتنا، سواء اسم فندق يعرض حياة البشر للخطر أو اسم شركة تبيع غذاء أو دواء يسمم الحياة، السمعة التجارية لدينا أهم من حياة الناس!، هل يعتقد البعض أن في هذه “الخصوصية التجارية” تشجيعا على الاستثمار ؟،كل شيء جائز!.
قرأت الخبر فاتصلت بوالد أحد الفتيان الذين توفوا في حادث الحريق، لازال محروق القلب على فلذة كبده ويزيد من حريق القلب أنه لا يعلم شيئا فقد أصيب باليأس مثل غيره، سألته هل لازال التحقيق مستمرا؟، قال أنه لا يعرف !، يظهر أن القضية تحولت إلى ملف. وآخر ما يفكر فيه الدفاع المدني هو الاتصال بأهالي هؤلاء لإخبارهم بما تم التوصل إليه أو إبلاغهم بما لم يتم التوصل إليه، إذا كان الفندق الذي تم تغريمه في مكة المكرمة مؤخراً هو الفندق الذي اختنق فيه الفتيان فتلك مصيبة أما إذا لم يكن فالمصيبة أعظم، وللعلم فإن القتلى قاموا بدور بطولي في الحريق لقد أيقظوا السكان بالطرق على أبواب غرفهم وصعدوا الأدوار العليا لهذا الغرض، بشهادة الناجين، كان من الممكن أن يهربوا نجاة بأنفسهم وهم في دور قريب من الأرض، في مجتمع متحضر يقدر حياة البشر يعتبر هؤلاء أبطالاً يشار له بالبنان، في مجتمعنا تختفي قصتهم مع قضيتهم وتتحول إلى ملف، ولا يعلم أهاليهم ماذا تم وماذا سيتم؟، وعليهم حمل المصيبة على أكتافهم والمراجعة هنا وهناك، أما التشهير بالمخالفين والمقامرين بحياة البشر فهو من الأسرار الوطنية العليا التي لا يجوز المساس بها.
أيها السادة لن تقوم لنا قائمة مادامت قيمة الإنسان لدينا منخفضة إلى هذا الحد؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.